صغيرًا، بعد أن يكون قد لحق بالشمس ثلاث ليالٍ متتالية، ثم يأخذ في النمو والبعد عنها ليبدأ دورته الجديدة في مطاردتها، وهكذا دواليك في كل شهر. فملاحقة القمر للشمس واختفاؤه معها ثلاث ليال شهريا حمل الإنسان الفطري في معظم المجتمعات القديمة على الاعتقاد بأن ذلك إنما هو زواج سماوي.
ولعل مفهوم هذا الزواج هو الذي أكسب القمر اسم "بعل" وهو من أسماء إله القمر عند الساميين؛ ولذا نرى أن اسم الإله "بعل" كثير الورود عندهم، وهو يعطي أيضا معنى "سيد".
وليست الأسرة الإلهية مقتصرة على هذا الثالوث المقدس، فللقمر والشمس أبناء آخرون هم سائر نجوم السماء, فكما اعتقدت بعض الشعوب القديمة والحديثة أن جميع البشر هم أبناء لآدم وحواء، كذلك اعتقدت شعوب سبقتها ودانت بالوثنية أن سائر الكواكب السماوية هي منحدرة من آدم وحواء سماويين هما القمر والشمس. غير أن هذه الكواكب ليست في مرتبة الابن "عثتر = الزهرة" الذي يتمتع بمرتبة ممتازة، ولكنها مع ذلك لم تعتبر في منزلة البشر بل في منزلة أعلى منهم، إنها جعلت في مرتبة ما عرف فيما بعد في الإسلام باسم "الملائكة".
وفي الكتابات الجنوبية نجد ما يشير إلى أن لفظ "ملك" كان لقبًا من ألقاب الآلهة، وإلى أن الملك كان يعبد بوصفه إلهًا، ربما كممثل أرضي للإله "عثتر" الذي قد يكون نزل إلى الأرض وتقمص شخصية الملك حسبما يظن أنهم كانوا يعتقدون. وهذاالحلول في الملك ربما يكون قد حصل عند ولادة الملك أو قبل ذلك. فالملك العربي، بهذا الاعتبار، لم يولد ولادة عادية كسائر البشر، إنما ولد من سلالة إلهية.