الزراعة:

عرفنا فيما سبق شيئًا عن عناية اليمنيين الفائقة بالزراعة والري، إذ لم يكتفوا بزراعة السهول المنبسطة، بل تعدوها إلى سفوح الجبال، إذ يجعلونها على شكل مدرجات، ويشيدون السدود لخزن المياه ورفعها إلى مستواها، ويحفرون الأقنية لإيصال المياه إلى المدرجات المزروعة. ويقول بعض المؤرخين: إن اليمنيين قد أنشئوا مئات السدود والخزانات، وإن العرب هم أول من اصطنعها، وكان أعظمها سد مأرب الذي تحدثنا عنه، ووصفناه في الصفحات السابقة. وقد اعتنى اليمنيون بزراعة النباتات النادرة، والحبوب المختلفة والفواكه المتنوعة. كانت الكروم تغطي أراضيهم بحيث تحيل الصحراء إلى جنات ورياض فيها مختلف أنواع الأغراس والغياض والزهور. وقد وصف كل من "إسترابون" والهمداني هذا الازدهار الزراعي كشهود عيان، فقال الأول: إن من محصولات اليمن المر والبخور والكبش قرنفل والبلسم وسائر العطريات فضلا عن النخيل والغابات. ووصف الثاني وادي ضهر باليمن قائلًا: إنه شاهد فيه مياهًا جارية تسقي جنتين على جانبيه وعليهما من الأعناب نحوا من عشرين نوعًا. وقد عدد من أشجار الفاكهة وأصنافها: الخوخ الحميري والفارسي والخلاسي1 والتين والبلح والكمثرى الذي ليس له في الأرض مثيل، والبرقوق والتفاح واللوز والجوز والسفرجل والرمان.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015