لقد مر معنا سابقًا أن اليمن كانت مقسمة إلى مخاليف ومحافد وقصور يحكمها أذواء وأقيال بما هو أشبه بالنظام الإقطاعي, ثم ظهر الملوك نتيجة لتوسع الأقيال على حساب جيرانهم، وألفوا الممالك الواسعة، ونظموا شئون ممالكهم، وأمنوا العلاقات الإدارية والاقتصادية بين رعاياهم، فضربوا النقود من الذهب والفضة، ونقشوا عليها أسماءهم وأسماء المدن التي سكت فيها، وجعلوا على أحد وجهيها رسومهم، وعلى الوجه الآخر نقشوا رموزًا كصورة البوم أو الصقر ورأس الثور أو الهلال معتمدين في ذلك على نماذج يونانية.
لم يكن الملك في دول اليمن مطلق الصلاحية على العموم، بل كان حكمه على الغالب، مقيدًا إلى حد ما، إذ يستعين بمجالس استشارية تساعده في المسائل التشريعية، كما في مملكة معين وسبأ ومملكة قتبان وغيرها التي فيها مجلس للشيوخ "مشود" يشارك الملك في سن القوانين. وعلى العموم كانت السياسة العامة تقرر من قِبَل هيئة عامة مؤلفة من رجال القبائل البارزين، ويشترك مجلس الشعب مع الملك في سن القوانين، وتنظيم الأوامر الملكية التي تصدر بشكل مراسيم، وتكتب غالبا على لوحة من البرونز أو الحجر,