نفضت يدها من النزاع لا سيما وأن أهميتها قد انحطت ولم يعد لها شأن في سياسة الجنوب اليمني. وأما حضرموت فقد تأرجحت بين الكفتين، تقف مرة إلى جانب همدان وأخرى إلى جانب سبأ، وفقًا للظروف السياسية التي تحيط بها. ومما تجدر الإشارة إليه أن الأحباش قد ظهر لهم وجود على سواحل اليمن الجنوبية في الأماكن التي كانت الإمارة "أوسان"، وطفقوا يتدخلون في الشئون الداخلية لمملكة سبأ، وراحوا يتحزبون لفريق دون آخر؛ لتحقيق مطامعهم في شبه الجزيرة العربية. وتبلور الموقف بين الطرفين في حلفين: يضم الأول سبأ وريدان وحمير، والثاني: همدان، وحضرموت، والأحباش. والذي جعل حضرموت تنحاز إلى همدان كونها قد استولت على أكثر أراضي قتبان وأصبحت تخشى السبئيين والحميريين والريدانيين الذين أخذوا ينافسونها في الغنيمة التي حصلت عليها ويهددونها.
لقد انتصر الهمدانيون في أول الأمر على خصومهم، غير أن هؤلاء ما لبثوا أن أحرزوا النصر الحاسم عليهم في النهاية. ويظهر أن نفوذ ريدان وحمير قد ازداد بسبب هذه الأحداث، فأصبح لهم نوع من الإشراف عليها بسبب دعمهم لها، فأصبحت تحمل صبغة سبئية -ريدانية- حميرية، وسمي ملكها باسم "ملك سبأ وذو ريدان" وغلب عليها اسم "الدولة الحميرية"1.