فبعث الله المرسلين، وهم ثلاثة: صادق وصدوق وشلوم، فقدم الله إليه وإلي أهل مدينته منهم اثنين، فكذبوهما، ثم عزز الله بثالث.
وقال آخرون: بل كانوا من حواريي عيسى بن مريم، ولم يكونوا رسلا لله، وإنما كانوا رسل عيسى بن مريم، ولكن ارسال عيسى بن مريم إياهم، لما كان عن أمر الله تعالى ذكره إياه بذلك، أضيف إرساله إياهم إلى الله، فقيل:
«إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ» .
ذكر من قال ذلك:
حَدَّثَنَا بِشْرُ بْنُ مُعَاذٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا سَعِيدٌ، عَنْ قَتَادَةَ، قوله: «وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا أَصْحابَ الْقَرْيَةِ إِذْ جاءَهَا الْمُرْسَلُونَ إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ» قال: ذكر لنا ان عيسى بن مريم بعث رجلين من الحواريين إلى إنطاكية، مدينة بالروم، فَكَذَّبُوهُمَا، فَأعَزَّهُمَا بِثَالِثٍ، «فَقالُوا إِنَّا إِلَيْكُمْ مُرْسَلُونَ» ، الآية.
رجع الحديث إلى حديث ابن إسحاق، فلما دعته الرسل، ونادته بأمر الله، وصدعت بالذي أمرت به، وعابت دينهم وما هم عليه، قال اصحاب القرية لهم: «إِنَّا تَطَيَّرْنا بِكُمْ لَئِنْ لَمْ تَنْتَهُوا لَنَرْجُمَنَّكُمْ وَلَيَمَسَّنَّكُمْ مِنَّا عَذابٌ أَلِيمٌ» قالت لهم الرسل: «طائِرُكُمْ مَعَكُمْ» ، اى اعمالكم، «أَإِنْ ذُكِّرْتُمْ بَلْ أَنْتُمْ قَوْمٌ مُسْرِفُونَ» فلما أجمع هو وقومه على قتل الرسل بلغ ذلك حبيبا، وهو على باب المدينة الأقصى، فجاء يسعى إليهم