رماحهم في جنوب ابلهم وبطونها، فطرحتهم الإبل وتمكنوا منهم، فقتلوهم عن آخرهم الا من استفدوه، وسبوا النساء واكتسحوا الأموال والأمتعة، وقتل المبارك القمي والمظفر ابنه، وقتل ابو العشائر، ثم قطعت يداه ورجلاه ثم ضربت عنقه، وافلت من الجرحى قوم وقعوا بين القتلى، فتحاملوا في الليل ومضوا فمنهم من مات في الطريق، ومنهم من نجا، وهم قليل وكان نساء القرامطة وصبيانهم يطرفون بين القتلى ويعرضون عليهم الماء، فمن كان فيه رمق، او طلب الماء اجهزوا عليه وقيل انه كان في القافلة من الحاج نحو عشرين الف رجل فقتل جميعهم غير نفر يسير وذكر ان الذى أخذوا من المال والأمتعة في هذه القافلة قيمه الفى الف دينار، وورد الخبر على السلطان بمدينه السلام، عشيه يوم الجمعه لاربع عشر ليله بقيت من المحرم بما كان من فعل القرامطة بالحاج، فعظم ذلك عليه، وعلى الناس، وندب السلطان محمد ابن داود بن الجراح الوزير للخروج الى الكوفه، والمقام بها، وانفاذ الجيوش الى القرمطى، فخرج من بغداد لإحدى عشره ليله بقيت من المحرم، وحمل معه اموالا كثيره لاعطاء الجند ثم صار زكرويه الى زبالة فهولها وبث الطلائع امامه ووراءه خوفا من اصحاب السلطان وارتصادا لورود القافلة الاخرى التي كانت فيها الاثقال واموال التجار وجوهر نفيس للسلطان، وبها من القواد نفيس المولدى وصالح الأسود، ومعه الشمسه والخزانه، وكان المعتضد قد جعل في الشمسه جوهرا نفيسا، ومعهم أيضا ابراهيم بن ابى الاشعث، قاضى مكة والمدينة، وميمون بن ابراهيم الكاتب والفرات بن احمد بن الفرات والحسن بن اسماعيل وعلى بن العباس النهيكى.
فلما صارت هذه القافلة بفيد، بلغهم خبر القرامطة فأقاموا أياما ينتظرون القوه من قبل السلطان، واقبل القرامطة الى موضع يعرف بالخليج، فلقوا القافلة، وحاربوا أهلها ثلاثة ايام ثم عطش اهل القافلة وكانوا على غير ماء، فلم يتمكنوا منها، فاستسلموا، فوضع القرامطة فيهم السيف، ولم يفلت منهم الا اليسير، وأخذ القرامطة جميع ما في القافلة، وسبوا النساء، واكتسحوا الأموال ثم توجه زكرويه بمن معه الى فيد، وبها عامل السلطان فتحصن منه، وجعل زكرويه يراسل اهل فيد بان يسلموا اليه عاملهم فلم يجيبوه الى ذلك ثم تنقل الى النباج ثم الى حفير ابى موسى الأشعري