عينيه ويغمضهما، حتى خشي عليه ان يموت، فضربت عنقه ورفع راسه في خشبة وكبر من كان على الدكة وكبر سائر الناس في أسفلها، ثم ضربت اعناق باقى الأسرى وانصرف القواد ومن حضر ذلك الموضع وقت العشاء فلما كان بالغد حملت الرءوس الى الجسر، وصلب بدن القرمطى في الجسر الأعلى ببغداد، وحفرت لأبدان القتلى آبار الى جانب الدكة، فطرحوا فيها ثم امر بعد ذلك بايام بهدم الدكة ففعل ذلك.
واستامن على يدي القاسم بن سيما رجل من القرامطة، يسمى اسماعيل ابن النعمان، ويكنى أبا محمد، لم يكن بقي منهم بنواحي الشام غيره وغير من انضوى اليه، وكان هذا الرجل من موالي بنى العليص، فرغب في الدخول في الطاعة، خوفا على نفسه، فأومن هو ومن معه، وهم نيف وستون رجلا، ووصلوا الى بغداد.
واجريت لهم الأرزاق، واحسن اليهم ثم صرفوا مع القاسم بن سيما الى عمله، وأقاموا معه مده فهموا بالغدر به فوضع السيف فيهم، واباد جميعهم.
وفي آخر جمادى الاولى من هذه السنه ورد كتاب من ناحيه جبى بان سيلا أتاها من الجبل، غرق فيه نحو من ثلاثين فرسخا وذهب فيه خلق كثير، وخربت به المنازل والقرى، وهلكت المواشى والغلات، واخرج من الغرقى الف ومائتان سوى من لم يوجد منهم.
وفي يوم الأحد غره رجب، خلع المكتفي على محمد بن سليمان كاتب الجيش وعلى وجوه القواد، وامرهم بالسمع والطاعة لمحمد بن سليمان، وبرز محمد الى مضربه بباب الشماسيه وعسكر هنالك، ثم خرج بالجيوش الى جانب دمشق، لقبض الاعمال من هارون بن خمارويه إذ تبين ضعفه، وذهب رجاله في حرب القرامطة، ورحل محمد بن سليمان في زهاء عشره آلاف، وذلك لست خلون من رجب، وامر بالجد في المسير.
ولثلاث بقين من رجب قرئ على الناس كتاب لإسماعيل بن احمد بان الترك قصدوا المسلمين في جيش عظيم، وان في عسكرهم سبعمائة قبة تركية لرؤساء منهم خاصه فنودي في الناس بالنفير وخرج مع صاحب العسكر خلق كثير فوافى