من خش يريد ناحية الهيثم ليصادفه في الطريق، ولم يعلم الهيثم بمن كان معه، فرحل بمن كان معه من القافلة يريد بها النهر.
وتعبأ بابك في خيله ورجاله وعساكره، وصار على طريق النهر، وهو يظن ان المال موافيه، وخرج صاحب النهر ببذرق من قبله إلى الهيثم، فخرجت عليه خيل بابك، وهم لا يشكون أن المال معه، فقاتلهم صاحب النهر، فقتلوه وقتلوا من كان معه من الجند والسابلة، وأخذوا جميع ما كان معهم من المتاع وغيره، وعلموا أن المال قد فاتهم، وأخذوا علمه، وأخذوا لباس أهل النهر ودراريعهم وطراداتهم وخفاتينهم فلبسوها، وتنكروا ليأخذوا الهيثم الغنوي ومن معه أيضا، ولا يعلمون بخروج الأفشين، وجاءوا كأنهم أصحاب النهر، فلما جاءوا لم يعرفوا الموضع الذي كان يقف فيه علم صاحب النهر، فوقفوا في غير موضع صاحب النهر، وجاء الهيثم فوقف في موقفه، فأنكر ما رأى، فوجه ابن عم له، فقال له: اذهب إلى هذا البغيض، فقل له: لأي شيء وقوفك؟ فجاء ابن عم الهيثم، فلما رأى القوم أنكرهم لما دنا منهم، فرجع إلى الهيثم، فقال له: إن هؤلاء القوم لست أعرفهم، فقال له الهيثم: أخزاك الله! ما أجبنك! ووجه خمسة فرسان من قبله، فلما جاءوا وقربوا من بابك، خرج من الخرمية رجلان فتلقوهما وأنكروهما، وأعلموهما أنهم قد عرفوهما، ورجعوا إلى الهيثم ركضا، فقالوا: إن الكافر قد قتل علويه وأصحابه، وأخذوا أعلامهم ولباسهم، فرحل هيثم منصرفا، فأتى القافلة التي جاء بها معه، وأمرهم أن يركضوا ويرجعوا، لئلا يؤخذوا، ووقف هو في أصحابه، يسير بهم قليلا قليلا، ويقف بهم قليلا، ليشغل الخرمية عن القافلة، وصار شبيها بالحامية لهم، حتى وصلت القافلة إلى الحصن الذي يكون فيه الهيثم- وهو أرشق- وقال لأصحابه: من يذهب منكم إلى الأمير وإلى أبي سعيد فيعلمهما وله عشرة آلاف درهم وفرس بدل فرسه أن نفق فرسه فله مثل فرسه على مكانه؟
فتوجه رجلان من أصحابه على فرسين فارهين يركضان، ودخل الهيثم الحصن، وخرج بابك فيمن معه، فنزل بالحصن، ووضع له كرسي وجلس على شرف