خلافة أبي إسحاق المعتصم محمد بْن هارون الرشيد
وفي هذه السنة بويع لأبي إسحاق محمد بْن هارون الرشيد بْن محمد المهدي ابن عبد الله المنصور بالخلافة، وذلك يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة بقيت من رجب سنة ثمان عشرة ومائتين وذكر أن الناس كانوا قد أشفقوا من منازعه العباس بن المأمون له في الخلافة، فسلموا من ذلك.
ذكر أن الجند شغبوا لما بويع لأبي إسحاق بالخلافة، فطلبوا العباس ونادوه باسم الخلافة، فأرسل أبو إسحاق إلى العباس فأحضره، فبايعه ثم خرج إلى الجند، فقال: ما هذا الحب البارد! قد بايعت عمي، وسلمت الخلافة إليه، فسكن الجند.
وفيها أمر المعتصم بهدم ما كان المأمون أمر ببنائه بطوانة، وحمل ما كان بها من السلاح والآلة وغير ذلك مما قدر على حمله، وأحرق ما لم يقدر على حمله، وأمر بصرف من كان المأمون أسكن ذلك من الناس إلى بلادهم.
وفيها انصرف المعتصم إلى بغداد، ومعه العباس بن المأمون، فقدمها- فيما ذكر- يوم السبت مستهل شهر رمضان.
وفيها دخل- فيما ذكر- جماعة كثيرة من أهل الجبال من همذان وأصبهان وماسبذان ومهرجانقذق في دين الخرمية، وتجمعوا، فعسكروا في عمل همذان، فوجه المعتصم إليهم عساكر، فكان آخر عسكر وجه إليهم