فاطلب إليهم ترى ما كنت من حسن ... تسدي إليهم فقد باتت لهم صرم
فقلت عذلك قد أكثرت لائمتي ... ولم يمت حاتم هزلا ولا هرم
فقال لي المأمون: أين رميت بنفسك إلى هرم بْن سنان سيد العرب وحاتم الطائي! فعلا كذا وفعلا كذا، وأقبل ينثال علي بفضلهما، قَالَ: فقلت:
يا أمير المؤمنين، أنا خير منهما، أنا مسلم وكانا كافرين، وأنا رجل من العرب.
وذكر عن محمد بْن زكرياء بْن ميمون الفرغاني، قَالَ: قَالَ المأمون لمحمد بْن الجهم: أنشدني ثلاثة أبيات في المديح والهجاء والمراثي، ولك بكل بيت كورة، فأنشده في المديح:
يجود بالنفس إذ ضن الجواد بها ... والجود بالنفس أقصى غاية الجود
وأنشده في الهجاء:
قبحت مناظرهم فحين خبرتهم ... حسنت مناظرهم لقبح المخبر
وأنشده في المراثي:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر دل على القبر
وذكر عن العباس بْن أحمد بْن أبان بْن القاسم الكاتب، قَالَ: أخبرني الحسين بْن الضحاك، قَالَ: قَالَ لي علويه: أخبرك أنه مر بي مرة ما أيست من نفسي معه لولا كرم المأمون، فإنه دعا بنا، فلما أخذ فيه النبيذ، قَالَ:
غنوني، فسبقني مخارق، فاندفع فغنى صوتا لابن سريج في شعر جرير: