وكان المأمون يقول لإبراهيم بْن شكلة إذا دخل عليه: لقد أوجعك دعبل حين يقول:
إن كان إبراهيم مضطلعا بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
ولتصلحن من بعد ذاك لزلزل ... ولتصلحن من بعده للمارق
أنى يكون ولا يكون ولم يكن ... لينال ذلك فاسق عن فاسق!
وذكر محمد بْن الهيثم الطائي أن القاسم بْن محمد الطيفوري حدثه، قَالَ:
شكا اليزيدي إلى المأمون خلة أصابته، ودينا لحقه، فقال: ما عندنا في هذه الأيام ما أن أعطيناكه بلغت به ما تريد، فقال: يا أمير المؤمنين، إن الأمر قد ضاق علي، وإن غرمائي قد أرهقوني قَالَ: فرم لنفسك أمرا تنال به نفعا فقال: لك منادمون فيهم من أن حركته نلت منه ما أحب، فأطلق لي الحيلة فيهم، قَالَ: قل ما بدا لك، قَالَ: فإذا حضروا وحضرت فمر فلانا الخادم أن يوصل إليك رقعتي، فإذا قرأتها، فأرسل إلي: دخولك في هذا الوقت متعذر، ولكن اختر لنفسك من أحببت قَالَ: فلما علم أبو محمد بجلوس المأمون واجتماع ندمائه إليه، وتيقن أنهم قد ثملوا من شربهم، أتى الباب، فدفع إلى ذلك الخادم رقعة قد كتبها، فأوصلها له إلى المأمون، فقرأها فإذا فيها:
يا خير إخواني وأصحابي ... هذا الطفيلي لدى الباب
خبر أن القوم في لذة ... يصبو إليها كل أواب
فصيروني واحدا منكم ... أو أخرجوا لي بعض أترابي