بهم النقمة المهلكة في العاجل، وذخر لهم العقوبة المخزية في الآجل، ومتع كثيرا منهم بنعمه ايام حياتهم استدراجا منه لهم، وتوقيرا منه عليهم أوزارهم، ليستحقوا من عقوبته في الآجل ما قد أعد لهم.

نعوذ بالله من عمل يقرب من سخطه، ونسأله التوفيق لما يدني من رضاه ومحبته.

قال أبو جعفر: وأنا ذاكر في كتابي هذا من ملوك كل زمان، من لدن ابتدأ ربنا جل جلاله خلق خلقه إلى حال فنائهم، من انتهى إلينا خبره ممن ابتدأه الله تعالى بآلائه ونعمه فشكر نعمه، من رسول له مرسل، أو ملك مسلط، أو خليفة مستخلف، فزاده إلى ما ابتدأه به من نعمه في العاجل نعما، وإلى ما تفضل به عليه فضلا، ومن أخر ذلك له منهم، وجعله له عنده ذخرا ومن كفر منهم نعمه فسلبه ما ابتدأه به من نعمه، وعجل له نقمه ومن كفر منهم نعمه فمتعه بما أنعم به عليه إلى حين وفاته وهلاكه، مقرونا ذكر كل من أنا ذاكره منهم في كتابي هذا بذكر زمانه، وجمل ما كان من حوادث الأمور في عصره وأيامه، إذ كان الاستقصاء في ذلك يقصر عنه العمر، وتطول به الكتب، مع ذكري مع ذلك مبلغ مدة أكله، وحين أجله، بعد تقديمي أمام ذلك ما تقديمه بنا أولى، والابتداء به قبله أحجى، من البيان عن الزمان: ما هو؟ وكم قدر جميعه، وابتداء أوله، وانتهاء آخره؟ وهل كان قبل خلق الله تعالى إياه شيء غيره؟ وهل هو فان؟ وهل بعد فنائه شيء غير وجه المسبح الخلاق، تعالى ذكره؟

وما الذي كان قبل خلق الله إياه؟ وما هو كائن بعد فنائه وانقضائه؟ وكيف

طور بواسطة نورين ميديا © 2015