فرحمها الخباز، وقال: لعلنا نحتاج إلى عالم فتركها، فوقع في قلب طالوت التوبة وندم، وأقبل على البكاء حتى رحمه الناس، وكان كل ليلة يخرج إلى القبور فيبكي، وينادي: أنشد الله عبدا علم أن لي توبة إلا أخبرني بها! فلما أكثر عليهم ليالي ناداه مناد من القبور: أن يا طالوت، أما ترضى أن قتلتنا أحياء حتى تؤذينا أمواتا! فازداد بكاء وحزنا، فرحمه الخباز فكلمه فقال: مالك؟ فقال: هل تعلم لي في الأرض عالما أسأله: هل لي من توبة؟

فقال له الخباز: هل تدري ما مثلك؟ إنما مثلك مثل ملك نزل قرية عشاء فصاح الديك، فتطير منه فقال: لا تتركوا في القرية ديكا إلا ذبحتموه، فلما أراد أن ينام قَالَ: إذا صاح الديك فأيقظونا حتى ندلج، فقالوا له: وهل تركت ديكا يسمع صوته! ولكن هل تركت عالما في الأرض! فازداد حزنا وبكاء، فلما راى الخباز منه الجد، قَالَ: أرأيتك إن دللتك على عالم لعلك أن تقتله! قَالَ: لا، فتوثق عليه الخباز، فاخبره ان المرأة العالمه عنده، قال:

انطلق بي إليها أسألها هل لي من توبة؟ وكان إنما يعلم ذلك الاسم أهل بيت، إذا فنيت رجالهم علمت النساء، فقال: إنها إن رأتك غشي عليها، وفزعت منك، فلما بلغ الباب خلفه خلفه، ثم دخل عليها الخباز، فقال لها: ألست أعظم الناس منة عليك؟ أنجيتك من القتل، وآويتك عندي قالت: بلى، قَالَ: فإن لي إليك حاجة، هذا طالوت يسألك: هل له من توبة؟ فغشي عليها من الفرق، فقال لها: إنه لا يريد قتلك، ولكن يسألك: هل له من توبة؟

قالت: لا، والله ما أعلم لطالوت توبة، ولكن هل تعلمون مكان قبر نبي؟

قَالُوا: نعم، هذا قبر يوشع بن نون، فانطلقت وهما معها إليه، فدعت، فخرج يوشع بن نون ينفض رأسه من التراب، فلما نظر إليهم ثلاثتهم قَالَ: ما لكم؟

أقامت القيامة؟ قالت: لا، ولكن طالوت يسألك: هل له من توبة؟ قَالَ يوشع: ما أعلم لطالوت من توبة إلا أن يتخلى من ملكه، ويخرج هو وولده فيقاتلون بين يديه في سبيل الله، حتى إذا قتلوا شد هو فقتل، فعسى أن يكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015