وقد أوجست نفس ابن الضحاك، فأرسل إلى البريد، فكشف له عن طرف المفرش، فإذا ألف دينار، فقال: هذه ألف دينار لك ولك العهد والميثاق، لئن أنت أخبرتني خبر وجهك هذا دفعتها إليك، فأخبره، فاستنظر البريد ثلاثا حتى يسير، ففعل ثم خرج ابن الضحاك، فأغذ السير حتى نزل على مسلمة بْن عبد الملك، فقال: أنا في جوارك، فغدا مسلمة على يزيد فرققه وذكر حاجة جاء لها، فقال: كل حاجة تكلمت فيها هي في يدك ما لم يكن ابن الضحاك، فقال: هو والله ابن الضحاك! فقال: والله لا أعفيه أبدا وقد فعل ما فعل، قَالَ: فرده إلى المدينة إلى النضري.
قَالَ عبد الله بْن محمد: فرأيته في المدينة عليه جبة من صوف يسأل الناس، وقد عذب ولقي شرا، وقدم النضري يوم السبت للنصف من شوال سنة أربع ومائة.
قَالَ محمد بْن عمر: حدثني إبراهيم بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي فَرْوَةَ، عَنْ الزهري، قَالَ: قلت لعبد الرحمن بْن الضحاك: إنك تقدم على قومك وهم ينكرون كل شيء خالف فعلهم، فالزم ما أجمعوا عليه، وشاور القاسم ابن محمد وسالم بْن عبد الله، فإنهما لا يألوانك رشدا قَالَ الزهري: فلم يأخذ بشيء من ذلك، وعادى الأنصار طرا، وضرب أبا بكر بْن حزم ظلما وعدوانا في باطل، فما بقي منهم شاعر إلا هجاه، ولا صالح إلا عابه وأتاه بالقبيح، فلما ولي هشام رأيته ذليلا.
وولي المدينة عبد الواحد بْن عبد الله بْن بشر فأقام بالمدينة لم يقدم عليهم وال أحب عليهم منه، وكان يذهب مذاهب الخير، لا يقطع أمرا إلا استشار فيه القاسم وسالما.
وفي هذه السنة غزا الجراح بْن عبد الله الحكمي- وهو أمير على أرمينية وأذربيجان- أرض الترك ففتح على يديه بلنجر، وهزم الترك وغرقهم وعامه