إلا هزموهم! فلم يزل يهزمهم حتى أدخلهم الكناسة وقال أصحاب إبراهيم لإبراهيم: أتبعهم واغتنم ما قد دخلهم من الرعب، فقد علم الله إلى من ندعو وما نطلب، وإلى من يدعون وما يطلبون! قال: لا، ولكن سيروا بنا إلى صاحبنا حتى يؤمن الله بنا وحشته، ونكون من أمره على علم، ويعلم هو أيضا ما كان من عنائنا، فيزداد هو وأصحابه قوة وبصيرة إلى قواهم وبصيرتهم، مع أني لا آمن أن يكون قد اتى.
فاقبل ابراهيم في أصحابه حتى مر بمسجد الأشعث، فوقف به ساعة، ثم مضى حتى أتى دار المختار، فوجد الأصوات عالية، والقوم يقتتلون، وقد جاء شبث بن ربعي من قبل السبخة، فعبى له المختار يزيد بن أنس، وجاء حجار بن أبجر العجلي، فجعل المختار في وجهه في وجهه أحمر بن شميط، فالناس يقتتلون، وجاء إبراهيم من قبل القصر، فبلغ حجارا وأصحابه أن إبراهيم قد جاءهم من ورائهم، فتفرقوا قبل أن يأتيهم إبراهيم، وذهبوا في الأزقة والسكك، وجاء قيس بن طهفة في قريب من مائة رجل من بني نهد من أصحاب المختار، فحمل على شبث بن ربعي وهو يقاتل يزيد بن أنس، فخلى لهم الطريق حتى اجتمعوا جميعا ثم إن شبث بن ربعي ترك لهم السكة، وأقبل حتى لقي ابن مطيع، فقال: ابعث إلى أمراء الجبابين فمرهم فليأتوك، فاجمع إليك جميع الناس، ثم انهد إلى هؤلاء القوم فقاتلهم وابعث إليهم من تثق به فليكفك قتالهم، فإن أمر القوم قد قوي، وقد خرج المختار وظهر، واجتمع له أمره فلما بلغ ذلك المختار من مشورة شبث بن ربعي على ابن مطيع خرج المختار في جماعة من أصحابه حتى نزل في ظهر دير هند مما يلي بستان زائدة في السبخة.
قال: وخرج أبو عثمان النهدي فنادى في شاكر وهم مجتمعون في دورهم، يخافون أن يظهروا في الميدان لقرب كعب بن أبي كعب الخثعمي منهم، وكان كعب في جبانة بشر، فلما بلغه ان شاكرا تخرج جاء يسير حتى نزل بالميدان، وأخذ عليهم بأفواه سككهم وطرقهم قال: فلما أتاهم أبو عثمان النهدي