كلهم عليه يدعونه إلى أمرهم ويرغبونه فيه فقال لهم إبراهيم بن الأشتر:
فإني قد أجبتكم إلى ما دعوتموني إليه من الطلب بدم الحسين وأهل بيته، على أن تولوني الأمر، فقالوا: أنت لذلك أهل، ولكن ليس إلى ذلك سبيل، هذا المختار قد جاءنا من قبل المهدي، وهو الرسول والمأمور بالقتال، وقد أمرنا بطاعته فسكت عنهم ابن الأشتر ولم يجبهم فانصرفنا من عنده إلى المختار فأخبرناه بما رد علينا، قال: فغبر ثلاثا، ثم إن المختار دعا بضعة عشر رجلا من وجوه أصحابه- قال الشعبي: أنا وأبي فيهم- قال: فسار بنا ومضى أمامنا يقد بنا بيوت الكوفة قدا لا ندري أين يريد، حتى وقف على باب إبراهيم بن الأشتر، فاستأذنا عليه فأذن لنا، وألقيت لنا وسائد، فجلسنا عليها وجلس المختار معه على فراشه، فقال المختار:
الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله، وصلى الله على مُحَمَّد، والسلام عليه، أما بعد، فإن هذا كتاب إليك من المهدى محمد بن أمير المؤمنين الوصي، وهو خير أهل الأرض اليوم، وابن خير أهل الأرض كلها قبل اليوم بعد أنبياء الله ورسله، وهو يسألك أن تنصرنا وتؤازرنا، فإن فعلت اغتبطت، وإن لم تفعل فهذا الكتاب حجة عليك، وسيغني الله المهدي مُحَمَّدا وأولياءه عنك.
قال الشعبي: وكان المختار قد دفع الكتاب إلي حين خرج من منزله، فلما قضى كلامه قال لي: ادفع الكتاب إليه، فدفعته إليه، فدعا بالمصباح وفض خاتمه، وقرأه فإذا هو:
بسم الله الرحمن الرحيم من مُحَمَّد المهدي إلى إبراهيم بن مالك الأشتر، سلام عَلَيْك، فإني أحمد إليك اللَّه الَّذِي لا إله إلا هو، أما بعد فإني قد بعثت إليكم بوزيرى وأميني ونجيي الذي ارتضيته لنفسي، وقد أمرته بقتال عدوي والطلب بدماء أهل بيتي، فانهض معه بنفسك وعشيرتك ومن أطاعك، فإنك إن نصرتني وأجبت دعوتي وساعدت وزيري كانت لك عندي بذلك فضيلة، ولك بذلك أعنة الخيل وكل جيش غاز، وكل مصر ومنبر وثغر ظهرت عليه فيما بين الكوفة وأقصى بلاد أهل