وبما دعانا إليه، فإن رخص لنا في اتباعه اتبعناه، وان نهانا عنه اجتنبناه، فو الله ما ينبغي أن يكون شيء من أمر الدنيا آثر عندنا من سلامة ديننا.
فقالوا له: أرشدك الله! فقد أصبت ووفقت، اخرج بنا إذا شئت.
فاجمع رأيهم على أن يخرجوا من أيامهم، فخرجوا، فلحقوا بابن الحنفية، وكان أمامهم عبد الرحمن بن شريح، فلما قدموا عليه سألهم عن حال الناس فخبروه عن حالهم وما هم عليه قال أبو مخنف: فحدثني خليفة بن ورقاء، عن الأسود بن جراد الكندي قال: قلنا لابن الحنفية، إن لنا إليك حاجة، قال: فسر هي أم علانية؟
قال: قلنا: لا، بل سر، قال: فرويدا إذا، قال: فمكث قليلا، ثم تنحى جانبا فدعانا فقمنا إليه، فبدأ عبد الرحمن بن شريح، فتكلم، فحمد اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، ثُمَّ قَالَ: أَمَّا بَعْدُ، فإنكم أهل بيت خصكم الله بالفضيلة، وشرفكم بالنبوة، وعظم حقكم على هذه الأمة، فلا يجهل حقكم إلا مغبون الرأي، مخسوس النصيب، قد أصبتم بحسين رحمه الله عليه عظمت مصيبه اختصصتم بها، بعد ما عم بها المسلمون وقد قدم علينا المختار بن أبي عبيد يزعم لنا أنه قد جاءنا من تلقائكم، وقد دعانا إلى كتاب الله وسنه نبيه ص، والطلب بدماء أهل البيت، والدفع عن الضعفاء، فبايعناه على ذلك ثم إنا رأينا أن نأتيك فنذكر لك ما دعانا إليه، وندبنا له، فإن أمرتنا باتباعه اتبعناه، وإن نهيتنا عنه اجتنبناه.
ثم تكلمنا واحدا واحدا بنحو مما تكلم به صاحبنا، وهو يسمع، حتى إذا فرغنا حَمِدَ اللَّهَ وَأَثْنَى عَلَيْهِ، وَصَلَّى عَلَى النَّبِيِّ ص، ثم قال:
أما بعد، فأما ما ذكرتم مما خصصنا الله به من فضل، فإن اللَّهِ يُؤْتِيهِ مَنْ يَشَاءُ وَاللَّهُ ذُو الْفَضْلِ العظيم، فلله الحمد! وأما ما ذكرتم من مصيبتنا بحسين، فإن ذلك كان في الذكر الحكيم