شباب الأزد وفتيان اليحمد: أعيرونا جماجمكم ساعة من نهار، فأخذ فتيان مِنْهُمْ يكرون، فيقاتلون ثُمَّ يرجعون إِلَيْهِ، يضحكون ويقولون: يَا أَبَا عَلْقَمَة، القدور تستعار! فلما ظهر المهلب ورأى من بلائه مَا رَأَى وفاه مائة ألف وَقَدْ قيل: إن أهل الْبَصْرَة قَدْ كَانُوا سألوا الأحنف قبل المهلب أن يقاتل الأزارقة، وأشار عَلَيْهِم بالمهلب، وَقَالَ: هُوَ أقوى عَلَى حربهم مني، وإن المهلب إذ أجابهم إِلَى قتالهم شرط عَلَى أهل الْبَصْرَة أن مَا غلب عَلَيْهِ من الأرض فهو لَهُ ولمن خف مَعَهُ من قومه وغيرهم ثلاث سنين، وإنه ليس لمن تخلف عنه مِنْهُ شَيْء فأجابوه إِلَى ذَلِكَ، وكتب بِذَلِكَ عَلَيْهِم كتابا، وأوفدوا بِذَلِكَ وفدا إِلَى ابن الزُّبَيْر.
وإن ابن الزُّبَيْر أمضى تِلَكَ الشروط كلها للمهلب وأجازها لَهُ، وإن المهلب لما أجيب إِلَى ما سال وجه ابنه حبيبا في ستمائه فارس إِلَى عَمْرو القنا، وَهُوَ معسكر خلف الجسر الاصغر في ستمائه فارس، فأمر المهلب بعقد الجسر الأصغر، فقطع حبيب الجسر إِلَى عَمْرو ومن مَعَهُ، فقاتلهم حَتَّى نفاهم عما بين الجسر، وانهزموا حَتَّى صاروا من ناحية الفرات، وتجهز المهلب فيمن خف من قومه مَعَهُ، وهم اثنا عشر ألف رجل، ومن سائر الناس سبعون رجلا، وسار المهلب حَتَّى نزل الجسر الأكبر، وعمرو القنا بازائه في ستمائه.
فبعث الْمُغِيرَة بن المهلب فِي الخيل والرجالة، فهزمتهم الرجالة بالنبل، واتبعتهم الخيل، وأمر المهلب بالجسر فعقد، فعبر هُوَ وأَصْحَابه، فلحق عَمْرو القنا حينئذ بابن الماحوز وأَصْحَابه، وَهُوَ بالمفتح، فأخبروهم الخبر، فساروا فعسكروا دون الأهواز بثمانية فراسخ، وأقام المهلب بقية سنته، فجبى كور دجلة، ورزق أَصْحَابه، وأتاه المدد من أهل الْبَصْرَة لما بلغهم ذَلِكَ، فأثبتهم فِي الديوان وأعطاهم حَتَّى صاروا ثَلاثِينَ ألفا قَالَ أَبُو جَعْفَر: فعلى قول هَؤُلاءِ كَانَتِ الوقعة الَّتِي كَانَتْ فِيهَا هزيمة الأزارقة وارتحالهم عن نواحي الْبَصْرَة والأهواز إِلَى ناحية أصبهان وكرمان فِي