يتوجئون الاطراف: الأيدي والارجل، فما رئيت وقعة قط قبلها وَلا بعدها، وَلا يسمع بِهَا أكثر يدا مقطوعة ورجلا مقطوعة منها، لا يدرى من صاحبها وأصيبت يد عبد الرَّحْمَن بن عتاب يَوْمَئِذٍ قبل قتله، وَكَانَ الرجل من هَؤُلاءِ وهؤلاء إذا أصيب شَيْء من أطرافه استقتل إِلَى أن يقتل.

كَتَبَ إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عن الصعب بن عطية ابن بِلالٍ، عَنْ أَبِيهِ، قَالَ: اشْتَدَّ الأَمْرُ حَتَّى أَرَزَتْ مَيْمَنَةُ الْكُوفَةِ إِلَى الْقَلْبِ، حَتَّى لَزَقَتْ به، ولزقت مَيْسَرَةَ الْبَصْرَةِ بِقَلْبِهِمْ، وَمَنَعُوا مَيْمَنَةَ أَهْلِ الْكُوفَةِ أَنْ يَخْتَلِطُوا بِقَلْبِهِمْ، وَإِنْ كَانُوا إِلَى جَنْبِهِمْ، وَفَعَلَ مِثْلَ ذَلِكَ مَيْسَرَةُ الْكُوفَةِ وَمَيْمَنَةُ الْبَصْرَةِ، فَقَالَتْ عَائِشَةُ- رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- لِمَنْ عَنْ يَسَارِهَا: مَنِ الْقَوْمِ؟

قَالَ صَبْرَةُ بْنُ شَيْمَانَ: بَنُوكِ الأَزْدَ، قَالَتْ: يَا آلَ غَسَّانَ! حَافِظُوا الْيَوْمَ جِلادَكُمُ الَّذِي كُنَّا نَسْمَعُ بِهِ، وَتَمَثَّلَتْ:

وَجَالَدَ مِنْ غَسَّانَ أَهْلُ حِفَاظِهَا ... وَهِنْبٌ وَأَوْسٌ جَالَدَتْ وَشَبِيبٌ

وَقَالَتْ لِمَنْ عَنْ يَمِينِهَا: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ، قَالَتْ: لَكُمْ يَقُولُ الْقَائِلُ:

وَجَاءُوا إِلَيْنَا فِي الْحَدِيدِ كَأَنَّهُمْ ... مِنَ الْعِزَّةِ الْقَعْسَاءِ بَكْرُ بْنُ وَائِلٍ

إِنَّمَا بِإِزَائِكُمْ عَبْدُ الْقَيْسِ فَاقْتَتَلُوا أَشَدَّ الْقِتَالِ مِنْ قِتَالِهِمْ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَقْبَلَتْ عَلَى كَتِيبَةٍ بَيْنَ يَدَيْهَا، فَقَالَتْ: مَنِ الْقَوْمُ؟ قَالُوا: بَنُو نَاجِيَةَ، قَالَتْ: بَخٍ بَخٍ! سُيُوفٌ أَبْطَحِيَّةٌ، وَسُيُوفٌ قُرَشِيَّةٌ، فَجَالِدُوا جِلادًا يُتَفَادَى مِنْهُ ثُمَّ أَطَافَتْ بِهَا بنو ضبة، فقالت: ويها جَمْرَةُ الْجَمَرَاتِ! حَتَّى إِذَا رَقَوْا خَالَطَهُمْ بَنُو عَدِيٍّ، وَكَثُرُوا حَوْلَهَا، فَقَالَتْ: مَنْ أَنْتُمْ؟ قَالُوا:

بَنُو عَدِيٍّ، خَالَطْنَا إِخْوَانَنَا، فَقَالَتْ: مَا زَالَ رَأْسُ الْجَمَلِ مُعْتَدِلا حَتَّى قُتِلَتْ بَنُو ضَبَّةَ حَوْلِي، فَأَقَامُوا رَأْسَ الْجَمَلِ، ثُمَّ ضَرَبُوا ضَرْبًا ليس بالتعذير،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015