وَخَرَجَ الزُّبَيْرُ وَطَلْحَةُ فِي وُجُوهِ النَّاسِ مِنْ مضر فبعثا الى الميمنه، وهم ربيعه يعبؤها عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْحَارِثِ بْنِ هِشَامٍ، وَإِلَى الميسره عبد الرحمن بن عتاب ابن أُسَيْدٍ، وَثَبَتَا فِي الْقَلْبِ، فَقَالَ: مَا هَذَا؟ قَالُوا: طَرَقَنَا أَهْلُ الْكُوفَةِ لَيْلا، فَقَالا: قَدْ عَلِمْنَا أَنَّ عَلِيًّا غَيْرُ مُنْتَهٍ حَتَّى يَسْفِكَ الدِّمَاءَ، وَيَسْتَحِلَّ الْحُرْمَةَ، وَأَنَّهُ لَنْ يُطَاوِعَنَا، ثُمَّ رَجَعَا بِأَهْلِ الْبَصْرَةِ، وَقَصَفَ أَهْلُ الْبَصْرَةِ، أُولَئِكَ حَتَّى رَدُّوهُمْ إِلَى عَسْكَرِهِمْ، فَسَمِعَ عَلِيٌّ وَأَهْلُ الْكُوفَةِ الصَّوْتَ، وَقَدْ وَضَعُوا رَجُلا قَرِيبًا مِنْ عَلِيٍّ لِيُخْبِرَهُ بِمَا يُرِيدُونَ، فَلَمَّا قَالَ: مَا هذا؟ قال: ذاك الرجل ما فجئنا إِلا وَقَوْمٌ مِنْهُمْ بَيَّتُونَا، فَرَدَدْنَاهُمْ مِنْ حَيْثُ جَاءُوا، فَوَجَدْنَا الْقَوْمَ عَلَى رَجُلٍ فَرَكِبُونَا، وَثَارَ النَّاسُ، وَقَالَ عَلِيٌّ لِصَاحِبِ مَيْمَنَتِهِ: ائْتِ الْمَيَمَنَةَ، وَقَالَ لِصَاحِبِ مَيْسَرَتِهِ: ائْتِ الْمَيْسَرَةَ، وَلَقَدْ عَلِمْتُ أَنَّ طَلْحَةَ وَالزُّبَيْرَ غَيْرَ مُنْتَهِيَيْنِ حَتَّى يَسْفِكَا الدِّمَاءَ، وَيَسْتَحِلا الْحُرْمَةَ، وَأَنَّهُمَا لَنْ يُطَاوِعَانَا، وَالسَّبَئِيَّةُ لا تَفْتُرُ إِنْشَابًا [وَنَادَى عَلِيٌّ فِي النَّاسِ: أَيُّهَا النَّاسُ، كُفُّوا فَلا شَيْءٌ، فَكَانَ مِنْ رَأْيِهِمْ جَمِيعًا فِي تِلَكَ الْفِتْنَةِ أَلا يَقْتَتِلُوا حَتَّى يُبْدَءُوا، يَطْلُبُونَ بِذَلِكَ الْحُجَّةَ، وَيَسْتَحِقُّونَ عَلَى الآخَرِينَ، وَلا يَقْتُلُوا مُدْبِرًا، وَلا يَجْهِزُوا عَلَى جَرِيحٍ، وَلا يُتْبِعُوا] فَكَانَ مِمَّا اجْتَمَعَ عَلَيْهِ الْفَرِيقَانِ وَنَادَوْا فِيمَا بَيْنَهُمَا.

كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وَأَبِي عَمْرٍو، قَالُوا: وَأَقْبَلَ كَعْبُ بْنُ سُورٍ حَتَّى أَتَى عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا، فَقَالَ: أَدْرِكِي فَقَدْ أَبَى الْقَوْمُ إِلا الْقِتَالَ، لَعَلَّ اللَّهَ يُصْلِحُ بِكِ فَرَكِبَتْ، وَأَلْبَسُوا هَوْدَجَهَا الأَدْرَاعَ، ثُمَّ بَعَثُوا جَمَلَهَا، وَكَانَ جَمَلُهَا يُدْعَى عَسْكَرًا، حَمَلَهَا عَلَيْهِ يَعْلَى بْنُ أُمَيَّةَ، اشْتَرَاهُ بِمِائَتَيْ دِينَارٍ، فَلَمَّا بَرَزَتْ مِنَ الْبُيُوتِ- وَكَانَتْ بِحَيْثُ تَسْمَعُ الْغَوْغَاءَ- وَقَفَتْ، فَلَمْ تَلْبَثْ أَنْ سَمِعَتْ غَوْغَاءَ شَدِيدَةً، فَقَالَتْ:

مَا هَذَا؟ قَالُوا: ضَجَّةُ الْعَسْكَرِ، قَالَتْ: بِخَيْرٍ أَوْ بِشَرٍّ؟ قَالُوا: بِشَرٍّ قَالَتْ:

فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ كَانَتْ مِنْهُمْ هَذِهِ الضَّجَّةُ فهم المهزومون وهي واقفه، فو الله مَا فَجِئَهَا إِلا الْهَزِيمَةُ، فَمَضَى الزُّبَيْرُ مِنْ سُنَنِهِ فِي وَجْهِهِ، فَسَلَكَ وَادِيَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015