نَفْسَكَ مَعَ الْفُجَّارِ! فَقَالَ: لَمْ أَفْعَلْ، وَلَمْ تسوؤنى؟ [وَقَطَعَ عَلَيْهِمَا الْحَسَنُ، فَأَقْبَلَ عَلَى أَبِي مُوسَى، فَقَالَ: يَا أَبَا مُوسَى، لِمَ تُثَبِّطِ النَّاسَ عنا! فو الله مَا أَرَدْنَا إِلا الإِصْلاحَ، وَلا مِثْلُ أَمِيرِ الْمُؤْمِنِينَ يَخَافُ عَلَى شَيْءٍ] فَقَالَ: صَدَقْتَ بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي! وَلَكِنَّ الْمُسْتَشَارَ مُؤْتَمَنٌ، [سَمِعْتُ رَسُولَ الله ص يَقُولُ: إِنَّهَا سَتَكُونُ فِتْنَةٌ، الْقَاعِدُ فِيهَا خَيْرٌ مِنَ الْقَائِمِ، وَالْقَائِمُ خَيْرٌ مِنَ الْمَاشِي، وَالْمَاشِي خير من الراكب،] قد جَعَلَنَا اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ إِخْوَانًا، وَحَرَّمَ عَلَيْنَا أموالنا ودماءنا، وقال: «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» ، «وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ إِنَّ اللَّهَ كانَ بِكُمْ رَحِيماً» وَقَالَ جَلَّ وَعَزَّ: «وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ» .
فغضب عمار وساءه وقام وقال: يا ايها النَّاسُ، إِنَّمَا قَالَ لَهُ خَاصَّةً: أَنْتَ فِيهَا قَاعِدًا خَيْرٌ مِنْكَ قَائِمًا وَقَامَ رَجُلٌ مِنْ بَنِي تَمِيمٍ، فَقَالَ لِعَمَّارٍ: اسْكُتْ أَيُّهَا الْعَبْدُ، أَنْتَ أَمْسِ مَعَ الْغَوْغَاءِ وَالْيَوْمَ تُسَافِهُ أَمِيرَنَا، وَثَارَ زَيْدُ بْنُ صُوحَانَ وَطَبَقَتُهُ وَثَارَ النَّاسُ، وَجَعَلَ أَبُو مُوسَى يُكَفْكِفُ النَّاسَ، ثُمَّ انْطَلَقَ حَتَّى أَتَى الْمِنْبَرَ، وَسَكَنَ النَّاسُ، وَأَقْبَلَ زَيْدٌ عَلَى حِمَارٍ حَتَّى وَقَفَ بِبَابِ الْمَسْجِدِ وَمَعَهُ الْكِتَابَانِ مِنْ عَائِشَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا إِلَيْهِ وَإِلَى أَهْلِ الْكُوفَةِ، وَقَدْ كَانَ طَلَبَ كِتَابَ الْعَامَّةِ فَضَمَّهُ إِلَى كِتَابِهِ، فَأَقْبَلَ بِهِمَا وَمَعَهُ كِتَابُ الْخَاصَّةِ وَكِتَابُ الْعَامَّةِ: أَمَّا بَعْدُ، فَثَبِّطُوا أَيُّهَا النَّاسُ وَاجْلِسُوا فِي بُيُوتِكُمْ إِلا عَنْ قتلة عثمان بن عفان رضي الله عنه.
فَلَمَّا فَرَغَ مِنَ الْكِتَابِ قَالَ: أُمِرَتْ بِأَمْرٍ وَأُمِرْنَا بِأَمْرٍ، أُمِرَتْ أَنْ تَقَرَّ فِي بَيْتِهَا، وَأُمِرْنَا أَنْ نُقَاتِلَ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ، فَأَمَرَتْنَا بِمَا أُمِرَتْ بِهِ وَرَكِبَتْ مَا أُمِرْنَا بِهِ فَقَامَ إِلَيْهِ شَبَثُ بْنُ رِبْعِيٍّ فَقَالَ: يَا عُمَانِيُّ- وَزَيْدٌ مِنْ عَبْدِ الْقَيْسِ عُمَانَ وَلَيْسَ مِنْ أَهْلِ الْبَحْرَيْنِ- سَرَقْتَ بِجَلُولاءَ فَقَطَعَكَ اللَّهُ، وَعَصَيْتَ أُمَّ الْمُؤْمِنِينَ فَقَتَلَكَ اللَّهُ! مَا أَمَرَتْ إِلا بِمَا أَمَرَ اللَّهُ عَزَّ وَجَلَّ بِهِ بِالإِصْلاحِ بَيْنَ النَّاسِ، فَقُلْتُ: وَرَبِّ الْكَعْبَةِ، وَتَهَاوَى النَّاسُ وَقَامَ أَبُو مُوسَى فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ، أَطِيعُونِي تَكُونُوا جُرْثُومَةً مِنْ جَرَاثِيمِ الْعَرَبِ يَأْوِي إِلَيْكُمُ الْمَظْلُومُ وَيَأْمَنُ فِيكُمُ الْخَائِفُ، إِنَّا أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم أعلم بِمَا سَمِعْنَا، إِنَّ الْفِتْنَةَ