عَلَى أَلا يُنَصِّرُوا وَلِيدًا، فَكَانَ ذَلِكَ الشَّرْطُ عَلَى الْوَفْدِ وَعَلَى مَنْ وَفَدهُمْ، وَلَمْ يَكُنْ عَلَى غَيْرِهِمْ، فَلَمَّا كَانَ زَمَانُ عُمَرَ قَالَ مُسْلِمُوهُمْ: لا تَنْفُرُوهُمْ بِالْخَرَاجِ فَيَذْهَبُوا، وَلَكِنْ أَضْعِفُوا عَلَيْهِمُ الصَّدَقَةَ الَّتِي تَأْخُذُونَهَا مِنْ أَمْوَالِهِمْ فَيَكُونَ جَزَاءً، فَإِنَّهُمْ يَغْضَبُونَ مِنْ ذِكْرِ الْجَزَاءِ عَلَى أَلا يُنَصِّرُوا مَوْلُودًا إِذَا أَسْلَمَ آبَاؤُهُمْ.

فَخَرَجَ وَفْدُهُمْ فِي ذَلِكَ إِلَى عُمَرَ، فَلَمَّا بَعَثَ الوليد اليه برءوس النصارى وبديانيهم، قَالَ لَهُمْ عُمَرُ: أَدُّوا الْجِزْيَةَ، فَقَالُوا: لِعُمَرَ: أَبْلِغْنَا مَأْمَنَنَا، وَاللَّهِ لَئِنْ وَضَعْتَ عَلَيْنَا الْجَزَاءَ لَنَدْخُلَنَّ أَرْضَ الرُّومِ، وَاللَّهِ لَتَفْضَحَنَّا مِنْ بَيْنِ الْعَرَبِ، فَقَالَ لَهُمْ: أَنْتُمْ فَضَحْتُمْ أَنْفُسَكُمْ، وَخَالَفْتُمْ أُمَّتَكُمْ فِيمَنْ خَالَفَ وَافْتَضَحَ مِنْ عَرَبِ الضَّاحِيَةِ، وَتَاللَّهِ لتؤدُّنَّه وَأَنْتُمْ صَغَرَةٌ قَمَأَةٌ، وَلَئِنْ هَرَبْتُمْ إِلَى الرُّومِ لأَكْتُبَنَّ فِيكُمْ، ثُمَّ لأُسْبِيَنَّكُمْ قَالُوا: فَخُذْ مِنَّا شَيْئًا وَلا تُسَمِّهِ جَزَاءً، فَقَالَ: أَمَّا نَحْنُ فَنُسَمِّيهِ جَزَاءً، وَسَمُّوهُ أَنْتُمْ مَا شِئْتُمْ [فَقَالَ لَهُ عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ:

يَا أَمِيرَ الْمُؤْمِنِينَ، أَلَمْ يُضْعِفْ عَلَيْهِمْ سَعْدُ بْنُ مَالِكٍ الصَّدَقَةَ؟] قَالَ: بَلَى، وَأَصْغَى إِلَيْهِ، فَرَضِيَ بِهِ مِنْهُمْ جَزَاءً، فَرَجَعُوا عَلَى ذَلِكَ، وَكَانَ فِي بَنِي تَغْلِبَ عِزٌّ وَامْتِنَاعٌ، وَلا يَزَالُونَ يُنَازِعُونَ الْوَلِيدَ، فَهَمَّ بِهِمُ الْوَلِيدُ، وَقَالَ فِي ذَلِكَ:

إِذَا مَا عَصَبْتُ الرَّأْسَ مِنِّي بِمِشْوَذٍ ... فَغَيّكَ مِنِّي تَغْلِبَ ابْنَةَ وَائِلِ

وَبَلَغَتْ عَنْهُ عُمَرَ، فَخَافَ أَنْ يَحْرِجُوهُ وَأَنْ يَضْعُفَ صَبْرُهُ فَيَسْطُو عَلَيْهِمْ، فَعَزَلَهُ وَأَمَّرَ عَلَيْهِمْ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ وَهِنْدَ بْنَ عَمْرٍو الْجَمَلِيَّ، وَخَرَجَ الْوَلِيدُ وَاسْتَوْدَعَ إِبِلا لَهُ حُرَيْثَ بْنَ النُّعْمَانِ، أَحَدُ بَنِي كِنَانَةَ بْنِ تَيْمٍ مِنْ بَنِي تغلب، وكانت مائه من الإبل فاختانها بعد ما خَرَجَ الْوَلِيدُ.

وَكَانَ فَتْحُ الْجَزِيرَةِ فِي سَنَةِ سبع عشره في ذي الحجه

. خروج عمر بن الخطاب الى الشام

وفي هذه السنة- أعني سنة سبع عشرة- خَرَجَ عُمَرُ مِنَ الْمَدِينَةِ يُرِيدُ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015