فَتَرَاجَعُوا وَأَقَرُّوا بِالْجَزَاءِ إِلَى أَنْ تَحَوَّلَ سَعْدٌ مِنَ الْمَدَائِنِ إِلَى الْكُوفَةِ، فَلَحِقَ بِهِ، وَاسْتَخْلَفَ قباذ على الثغر، وكان اصله خراسانيا
وَكَانَ فِي هَذِهِ السَّنَةِ- أَعْنِي سَنَةَ سِتَّ عَشْرَةَ فِي رِوَايَةِ سَيْفٍ- فَتْحُ تِكْرِيتَ، وَذَلِكَ فِي جُمَادَى مِنْهَا.
ذكر الخبر عن فتحها:
كتب إلي السري، عن شعيب، عن سيف، عَنْ مُحَمَّدٍ وَطَلْحَةَ وَالْمُهَلَّبِ وَسَعِيدٍ، وَشَارَكَهُمُ الْوَلِيدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي طَيْبَةَ، قَالُوا: كَتَبَ سَعْدٌ فِي اجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ إِلَى الأَنْطَاقِ وَإِقْبَالِهِ حَتَّى نَزَلَ بِتِكْرِيتَ، وَخَنْدَقَ فِيهِ عَلَيْهِ لِيَحْمِيَ أَرْضَهُ، وَفِي اجْتِمَاعِ أَهْلِ جَلُولاءَ عَلَى مِهْرَانَ مَعَهُ، فَكَتَبَ فِي جَلُولاءَ مَا قَدْ فَرَغْنَا مِنْهُ، وَكَتَبَ فِي تِكْرِيتَ وَاجْتِمَاعِ أَهْلِ الْمَوْصِلِ إِلَى الأَنْطَاقِ بِهَا: أَنْ سَرِّحْ إِلَى الأَنْطَاقِ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ الْمُعْتَمِّ، وَاسْتَعْمِلْ على مقدمته ربعي ابن الأَفْكَلِ الْعَنَزِيَّ، وَعَلَى مَيْمَنَتِهِ الْحَارِثَ بْنَ حَسَّانٍ الذُّهْلِيَّ، وَعَلَى مَيْسَرَتِهِ فُرَاتَ بْنَ حَيَّانَ الْعِجْلِيَّ، وَعَلَى سَاقَتِهِ هَانِئَ بْنَ قَيْسٍ، وَعَلَى الْخَيْلِ عرفجة ابن هَرْثَمَةَ، فَفَصَلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ فِي خَمْسَةِ آلافٍ مِنَ الْمَدَائِنِ، فَسَارَ إِلَى تِكْرِيتَ أَرْبَعًا، حَتَّى نَزَلَ عَلَى الأَنْطَاقِ، وَمَعَهُ الرُّومُ وَإِيَادٌ وَتَغْلِبُ وَالنَّمِرُ وَمَعَهُ الشَّهَارِجَةُ وَقَدْ خَنْدَقُوا بِهَا، فَحَصَرَهُمْ أَرْبَعِينَ يَوْمًا، فَتَزَاحَفُوا فِيهَا أَرْبَعَةً وَعِشْرِينَ زَحْفًا، وَكَانُوا أَهْوَنَ شَوْكَةً، وَأَسْرَعَ أَمْرًا مِنْ أَهْلِ جَلُولاءَ، وَوُكِّلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُعْتَمِّ بِالْعَرَبِ لِيَدْعُوهُمْ إِلَيْهِ وَإِلَى نُصْرَتِهِ عَلَى الرُّومِ، فَهُمْ لا يُخْفُونَ عَلَيْهِ شَيْئًا، وَلَمَّا رَأَتِ الرُّومُ أَنَّهُمْ لا يَخْرُجُونَ خَرْجَةً إِلا كَانَتْ عَلَيْهِمْ، وَيُهْزَمُونَ فِي كُلِّ مَا زَاحَفُوهُمْ، تَرَكُوا أُمَرَاءَهُمْ، وَنَقَلُوا مَتَاعَهُمْ إِلَى السُّفُنِ، وَأَقْبَلَتِ الْعُيُونُ مِنْ تَغْلِبَ وَإِيَادٍ وَالنَّمِرِ إِلَى عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الْمُعْتَمِّ بِالْخَبَرِ، وَسَأَلُوهُ لِلْعَرَبِ السَّلْمَ، وَأَخْبَرُوهُ أَنَّهُمْ قَدِ اسْتَجَابُوا لَهُ، فَأَرْسَلَ إِلَيْهِمْ: ان كنتم