بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
سنة ست عشرة
قال أبو جعفر: ففيها دخل المسلمون مدينة بهرسير، وافتتحوا المدائن، وهرب منها يزدجرد بْن شهريار.
ذكر بقية خبر دخول المسلمين مدينة بهرسير
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عن شعيب، عن سيف، عن محمد وطلحة وَالْمُهَلَّبِ، قَالُوا: لَمَّا نَزَلَ سَعْدٌ عَلَى بَهُرَسِيرَ بَثَّ الْخُيُولَ، فَأَغَارَتْ عَلَى مَا بَيْنَ دِجْلَةَ إِلَى مَنْ لَهُ عَهْدٌ مِنْ أَهْلِ الْفُرَاتِ، فَأَصَابُوا مِائَةَ أَلْفِ فَلاحٍ، فَحَسَبُوا، فَأَصَابَ كُلٌّ مِنْهُمْ فَلاحًا، وَذَلِكَ أَنَّ كُلَّهُمْ فَارِسٌ بِبَهُرَسِيرَ فخندق لهم، فقال له شيرزاد دِهْقَانُ سَابَاطَ: إِنَّكَ لا تَصْنَعُ بِهَؤُلاءِ شَيْئًا، إِنَّمَا هَؤُلاءِ عُلُوجٌ لأَهْلِ فَارِسَ لَمْ يجروا إِلَيْكَ، فَدَعْهُمْ إِلَيَّ حَتَّى يفرق لَكُمُ الرَّأْيُ.
فَكَتَبَ عَلَيْهِ بِأَسْمَائِهِمْ، وَدَفَعَهُمْ إِلَيْهِ، فَقَالَ شِيرَزَاذُ: انْصَرِفُوا إِلَى قُرَاكُمْ.
وَكَتَبَ سَعْدٌ إِلَى عُمَرَ: إِنَّا وَرَدْنَا بَهُرَسِيرَ بَعْدَ الَّذِي لَقِينَا فِيمَا بَيْنَ الْقَادِسِيَّةِ وَبَهُرَسِيرَ، فَلَمْ يَأْتِنَا أَحَدٌ لِقِتَالٍ، فَبَثَثْتُ الْخُيُولَ، فَجَمَعْتُ الْفَلاحِينَ مِنَ الْقُرَى وَالآجَامِ، فَرِ رَأْيَكَ.
فَأَجَابَهُ: إِنَّ مَنْ أَتَاكُمْ مِنَ الْفَلاحِينَ إِذَا كَانُوا مُقِيمِينَ لَمْ يُعِينُوا عَلَيْكُمْ فَهُوَ أَمَانُهُمْ، وَمَنْ هَرَبَ فَأَدْرَكْتُمُوهُ فَشَأْنُكُمْ بِهِ.
فَلَمَّا جَاءَ الْكِتَابُ خَلَّى عَنْهُمْ وَرَاسَلَهُ الدَّهَّاقِينُ، فَدَعَاهُمْ إِلَى الإِسْلامِ وَالرُّجُوعِ، أَوِ الْجَزَاءِ وَلَهُمُ الذِّمَّةُ وَالْمَنْعَةُ، فَتَرَاجَعُوا عَلَى الْجَزَاءِ وَالْمَنْعَةِ وَلَمْ يَدْخُلْ فِي ذَلِكَ مَا كَانَ لآلِ كِسْرَى، وَمَنْ دَخَلَ مَعَهُمْ، فَلَمْ يَبْقَ فِي غَرْبِي دِجْلَةَ إِلَى أَرْضِ الْعَرَبِ سَوَادِيٌّ إِلا آمَنَ وَاغْتَبَطَ بِمَلِكِ الإِسْلامِ وَاسْتَقْبَلُوا الْخَرَاجَ، وَأَقَامُوا عَلَى بَهُرَسِيرَ شَهْرَيْنِ يَرْمُونَهَا بِالْمَجَانِيقِ وَيَدُبُّونَ إِلَيْهِمْ