رَأْيُ عُمَرَ وَعَلِيٌّ عَلَى أَنْ يَأْخُذُوا مَنْ قِبَلِ الْقُرْآنِ، فَقَالُوا: «مَا أَفاءَ اللَّهُ عَلى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرى» - يعنى من الخمس- «فَلِلَّهِ وَلِلرَّسُولِ» ، إِلَى اللَّهِ وَإِلَى الرَّسُولِ، مِنَ اللَّهِ الأَمْرُ وَعَلَى الرَّسُولِ الْقَسْمُ «وَلِذِي الْقُرْبى وَالْيَتامى وَالْمَساكِينِ» الآية، ثُمَّ فَسَّرُوا ذَلِكَ بِالآيَةِ الَّتِي تَلِيهَا: «لِلْفُقَراءِ الْمُهاجِرِينَ» الآية، فَأَخَذُوا الأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ عَلَى مَا قُسِّمَ عليه الخمس فيمن بدئ به وثنى وثلاث، وَأَرْبَعَةَ أَخْمَاسٍ لِمَنْ أَفَاءَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْمَغْنَمَ ثُمَّ اسْتُشْهِدُوا عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا: «وَاعْلَمُوا أَنَّما غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ» ، فَقَسَّمَ الأَخْمَاسَ عَلَى ذَلِكَ، وَاجْتَمَعَ عَلَى ذَلِكَ عُمَرُ وَعَلِيٌّ، وَعَمِلَ بِهِ الْمُسْلِمُونَ بَعْدَهُ، فَبَدَأَ بِالْمُهَاجِرِينَ، ثُمَّ بِالأَنْصَارِ، ثُمَّ التَّابِعِينَ الَّذِينَ شَهِدُوا مَعَهُمْ وَأَعَانُوهُمْ، ثُمَّ فَوَّضَ الأَعْطِيَةَ مِنَ الْجَزَاءِ عَلَى مَنْ صَالَحَ أَوْ دُعِيَ إِلَى الصُّلْحِ مِنْ جَزَائِهِ، مَرْدُودٌ عَلَيْهِمْ بِالْمَعْرُوفِ، وَلَيْسَ فِي الْجَزَاءِ أَخْمَاسٌ، وَالْجَزَاءُ لِمَنْ مَنَعَ الذِّمَّةَ وَوَفِيَ لَهُمْ مِمَّنْ وَلِيَ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَلِمَنْ لَحِقَ بِهِمْ فَأَعَانَهُمْ، إِلا أَنْ يُؤَاسُوا بِفَضْلَةٍ مِنْ طِيبِ أَنْفُسٍ مِنْهُمْ مَنْ لَمْ يَنَلْ مِثْلَ الذى نالوا.
قال الطبرى: وَفِي هَذِهِ السَّنَةِ- أَعْنِي سَنَةَ خَمْسَ عَشْرَةَ- كَانَتْ وَقَعَاتٍ فِي قَوْلِ سَيْفِ بْنِ عُمَرَ، وَفِي قَوْلِ ابْنِ إِسْحَاقَ: كَانَ ذَلِكَ فِي سَنَةِ سِتَّ عَشْرَةَ، وَقَدْ ذَكَرْنَا الرِّوَايَةَ بِذَلِكَ عَنْهُ قَبْلُ، وَكَذَلِكَ ذَلِكَ فِي قَوْلِ الْوَاقِدِيِّ.
نَذْكُرُ الآنَ الأَخْبَارَ الَّتِي وَرَدَتْ بِمَا كَانَ بَيْنَ مَا ذَكَرْتُ مِنَ الْحُرُوبِ إِلَى انْقِضَاءِ السَّنَةِ الَّتِي ذَكَرْتُ أَنَّهُمُ اخْتَلَفُوا فِيمَا كَانَ فِيهَا مِنْ ذَلِكَ:
كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سَيْفٍ، عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْمُهَلَّبِ وَعَمْرٍو وَسَعِيدٍ، قَالُوا: عَهِدَ عُمَرُ إِلَى سَعْدٍ حِينَ أَمَرَهُ بِالسَّيْرِ إِلَى الْمَدَائِنِ أَنْ يُخَلِّفَ النِّسَاءَ وَالْعِيَالَ بِالْعَتِيقِ، وَيَجْعَلَ مَعَهُمْ كَثْفًا مِنَ الْجُنْدِ، ففعل