ثُمَّ سَارَ جَرِيرٌ نَحْوَ الْجِسْرِ، فَلَقِيَهُ مِهْرَانُ بْنُ بَاذَانَ- وَكَانَ مِنْ عُظَمَاءِ فَارِسَ- عِنْدَ النَّخِيلَةِ، قَدْ قَطَعَ إِلَيْهِ الْجِسْرَ، فَاقْتَتَلا قِتَالا شَدِيدًا، وَشَدَّ الْمُنْذِرُ بْنُ حَسَّانِ بْنِ ضِرَارٍ الضَّبِّيُّ عَلَى مِهْرَانَ فَطَعَنَهُ، فَوَقَعَ عَنْ دَابَّتِهِ، فَاقْتَحَمَ عَلَيْهِ جَرِيرٌ فَاحْتَزَّ رَأْسَهُ، فَاخْتَصَمَا فِي سَلْبِهِ، ثُمَّ اصْطَلَحَا فِيهِ، فَأَخَذَ جَرِيرٌ السِّلاحَ، وَأَخَذَ الْمُنْذِرُ بْنُ حَسَّانٍ مِنْطَقَتَهُ.
قَالَ: وَحُدِّثْتُ أَنَّ مِهْرَانَ لَمَّا لَقِيَ جَرِيرًا قَالَ:
إِنْ تَسْأَلُوا عَنِّي فَإِنِّي مِهْرَانُ ... أَنَا لِمَنْ أَنْكَرَنِي ابْنُ بَاذَانَ
قَالَ: فَأَنْكَرْتُ ذَلِكَ حَتَّى حَدَّثَنِي مَنْ لا أَتَّهِمُ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ أَنَّهُ كَانَ عَرَبِيًّا نَشَأَ مَعَ أَبِيهِ بِالْيَمَنِ إِذْ كَانَ عَامِلا لِكِسْرَى قَالَ: فَلَمْ أُنْكِرْ ذَلِكَ حِينَ بَلَغَنِي.
وَكَتَبَ الْمُثَنَّى إِلَى عُمَرَ يُمْحِلُ بِجَرِيرٍ، فَكَتَبَ عُمَرُ إِلَى الْمُثَنَّى: إِنِّي لَمْ أَكُنْ لأَسْتَعْمِلُكَ عَلَى رَجُلٍ مِنْ أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ ص- يَعْنِي جَرِيرًا وَقَدْ وَجَّهَ عُمَرُ سَعْدَ بْنَ أَبِي وَقَّاصٍ إِلَى الْعِرَاقِ فِي سِتَّةِ آلافِ، أَمَّرَهُ عَلَيْهِمْ، وَكَتَبَ إِلَى الْمُثَنَّى وَجَرِيرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ أَنْ يَجْتَمِعَا إِلَى سَعْدِ بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ، وَأَمَّرَ سَعْدًا عَلَيْهِمَا، فَسَارَ سَعْدٌ حَتَّى نَزَلَ شَرَافَ، وَسَارَ الْمُثَنَّى وَجَرِيرٌ حَتَّى نَزَلا عَلَيْهِ، فَشَتَا بِهَا سَعْدٌ، وَاجْتَمَعَ إِلَيْهِ النَّاسُ، وَمَاتَ الْمُثَنَّى بْنُ حَارِثَةَ رَحِمَهُ اللَّهُ
رجع الحديث الى حديث سيف كَتَبَ إِلَيَّ السَّرِيُّ، عَنْ شُعَيْبٍ، عَنْ سيف، عن محمد وطلحة وزياد بإسنادهم، قالوا: ومخر المثنى السواد وخلف بالحيرة بشير بْن الخصاصية، وأرسل جريرا إلى ميسان، وهلال بْن علفة التيمي إلى دست ميسان، وأذكى المسالح بعصمة بْن فلان الضبي