أَبِي، قَالَ: حَدَّثَنَا، أَبَانٌ الْعَطَّارُ قَالَ: حَدَّثَنَا هِشَامُ بْنُ عُرْوَةَ، عَنْ عُرْوَةَ، أَنَّهُ كَتَبَ إِلَى عَبْدِ الْمَلِكِ بْنِ مَرْوَانَ: أَمَّا بَعْدُ، فَإِنَّكَ كَتَبْتَ إِلَيَّ تَسْأَلُنِي عَنْ خَالِدِ بْنِ الوليد: هل اغار يوم الفتح؟ ويأمر مَنْ أَغَارَ؟ وَإِنَّهُ كَانَ مِنْ شَأْنِ خَالِدٍ يوم الفتح انه كان مع النبي ص، فَلَمَّا رَكِبَ النَّبِيُّ بَطْنَ مَرٍّ عَامِدًا إِلَى مَكَّةَ، وَقَدْ كَانَتْ قُرَيْشٌ بَعَثُوا أَبَا سُفْيَانَ وحكيم بن حزام يتلقيان رسول الله ص، وَهُمْ حِينَ بَعَثُوهُمَا لا يَدْرُونَ أَيْنَ يَتَوَجَّهُ النبي ص! إِلَيْهِمْ أَوْ إِلَى الطَّائِفِ! وَذَاكَ أَيَّامَ الْفَتْحِ، وَاسْتَتْبَعَ أَبُو سُفْيَانَ وَحَكِيمُ بْنُ حِزَامٍ بُدَيْلَ بْنَ وَرْقَاءَ، وَأَحَبَّا أَنْ يَصْحَبَهُمَا، وَلَمْ يَكُنْ غَيْرُ أَبِي سُفْيَانَ وَحَكِيمِ بْنِ حِزَامٍ وَبُدَيْلٍ، وَقَالُوا لَهُمْ حِينَ بَعَثُوهُمْ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ ص: لا نُؤْتَيَنَّ مِنْ وَرَائِكُمْ، فَإِنَّا لا نَدْرِي مَنْ يُرِيدُ مُحَمَّدٌ! إِيَّانَا يُرِيدُ، أَوُ هَوَازِنَ يريد، او ثقيفا! وكان بين النبي ص وَبَيْنَ قُرَيْشٍ صُلْحٌ يَوْمَ الْحُدَيْبِيَةِ وَعَهْدٌ وَمُدَّةٌ، فَكَانَتْ بَنُو بَكْرٍ فِي ذَلِكَ الصُّلْحِ مَعَ قُرَيْشٍ، فَاقْتَتَلَتْ طَائِفَةٌ مِنْ بَنِي كَعْبٍ وَطَائِفَةٌ مِنْ بَنِي بَكْرٍ، وَكَانَ بَيْنَ رَسُولِ اللَّهِ ص وَبَيْنَ قُرَيْشٍ فِي ذَلِكَ الصُّلْحِ الَّذِي اصْطَلَحُوا عَلَيْهِ: لا أَغْلالَ وَلا أَسْلالَ، فَأَعَانَتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ بِالسِّلاحِ، فَاتَّهَمَتْ بَنُو كَعْبٍ قُرَيْشًا، فمنها غزا رسول الله ص أَهْلَ مَكَّةَ، وَفِي غَزْوَتِهِ تِلْكَ لَقِيَ أَبَا سُفْيَانَ وَحَكِيمًا وَبُدَيْلا بِمَرِّ الظَّهْرَانِ، وَلَمْ يَشْعُرُوا ان رسول الله ص نزل مر، حَتَّى طَلَعُوا عَلَيْهِ، فَلَمَّا رَأَوْهُ بِمَرٍّ، دَخَلَ عَلَيْهِ أَبُو سُفْيَانَ وَبُدَيْلٌ وَحَكِيمٌ بِمَنْزِلِهِ بِمَرِّ الظَّهْرَانِ فَبَايَعُوهُ، فَلَمَّا بَايَعُوهُ بَعَثَهُمْ بَيْنَ يَدَيْهِ إِلَى قُرَيْشٍ، يَدْعُوهُمْ إِلَى الإِسْلامِ، فَأُخْبِرْتُ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ دَخَلَ دَارَ أَبِي سُفْيَانَ فَهُوَ آمِنٌ- وَهِيَ بِأَعْلَى مَكَّةَ- وَمَنْ دَخَلَ دَارَ حَكِيمٍ- وَهِيَ بِأَسْفَلَ مَكَّةَ- فَهُوَ آمِنٌ، وَمَنْ أَغْلَقَ بَابَهُ وَكَفَّ يَدَهُ فَهُوَ آمِنٌ.
وَإِنَّهُ لَمَّا خَرَجَ أَبُو سُفْيَانَ وَحَكِيمٌ مِنْ عِنْدِ النبي ص عَامِدِينَ إِلَى مَكَّةَ، بَعَثَ فِي إِثْرِهِمَا الزُّبَيْرَ وَأَعْطَاهُ رَايَتَهُ، وَأَمَّرَهُ عَلَى خَيْلِ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ