وَأَرَادُوا أَنْ يُصِيبُوا مِنْهُمْ ثَأْرًا بِأُولَئِكَ النَّفَرِ الَّذِينَ أَصَابُوا مِنْهُمْ بِبَنِي الأَسْوَدِ بْنِ رِزْنٍ، فَخَرَجَ نَوْفَلُ بْنُ مُعَاوِيَةَ الدِّيلِيُّ فِي بَنِي الدِّيلِ- وَهُوَ يَوْمَئِذٍ قَائِدُهُمْ، لَيْسَ كُلُّ بَنِي بَكْرٍ تَابِعَهُ- حَتَّى بَيَّتَ خُزَاعَةَ، وَهُمْ عَلَى الوتير، ماء لهم، فأصابوا منهم رجلا وتجاوزوا وَاقْتَتَلُوا، وَرَفَدَتْ قُرَيْشٌ بَنِي بَكْرٍ بِالسِّلاحِ وَقَاتَلَ مَعَهُمْ مِنْ قُرَيْشٍ مَنْ قَاتَلَ بِاللَّيْلِ مُسْتَخْفِيًا، حَتَّى حَازُوا خُزَاعَةَ إِلَى الْحَرَمِ.
- قَالَ الواقدي: كَانَ مِمَّنْ أَعَانَ مِنْ قُرَيْشٍ بَنِي بَكْرٍ عَلَى خُزَاعَةَ لَيْلَتَئِذٍ بِأَنْفُسِهِمْ مُتَنَكِّرِينَ صَفْوَانُ بْنُ أمية، وعكرمة بن أبي جهل، وسهيل بن عَمْرٍو، مَعَ غَيْرِهِمْ وَعَبِيدِهِمْ- رَجَعَ الْحَدِيثُ إِلَى حَدِيثِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: فَلَمَّا انْتَهَوْا إِلَيْهِ قَالَتْ بَنُو بَكْرٍ: يَا نَوْفَلُ، إِنَّا قَدْ دَخَلْنَا الْحَرَمَ إِلَهَكَ إِلَهَكَ، فَقَالَ: كَلِمَةً عَظِيمَةً إِنَّهُ لا إِلَهَ لَهُ الْيَوْمَ! يَا بَنِي بَكْرٍ أَصِيبُوا ثَأْرَكُمْ، فَلَعَمْرِي إِنَّكُمْ لَتَسْرِقُونَ فِي الْحَرَمِ، أَفَلا تُصِيبُونَ ثَأْرَكُمْ فِيهِ! وَقَدْ أَصَابُوا مِنْهُمْ لَيْلَةَ بَيَّتُوهُمْ بِالْوَتِيرِ رَجُلا يُقَالُ لَهُ مُنَبِّهٌ، وَكَانَ مُنَبِّهٌ رَجُلا مَفْئُودًا خَرَجَ هُوَ وَرَجُلٌ مِنْ قَوْمِهِ، يُقَالُ لَهُ تَمِيمُ بْنُ أَسَدٍ- فَقَالَ لَهُ مُنَبِّهٌ: يَا تَمِيمُ، انْجُ بنفسك، فاما انا فو الله إِنِّي لَمَيِّتٌ قَتَلُونِي أَوْ تَرَكُونِي، لَقَدْ أَنَّبْتُ فُؤَادِيَ فَانْطَلَقَ تَمِيمٌ فَأَفْلَتَ، وَأَدْرَكُوا مُنَبِّهًا فَقَتَلُوهُ- فَلَمَّا دَخَلَتْ خُزَاعَةُ مَكَّةَ لَجَئُوا إِلَى دَارِ بُدَيْلِ بْنِ وَرْقَاءَ الْخُزَاعِيِّ وَدَارَ مَوْلًى لَهُمْ يُقَالُ لَهُ رَافِعٌ.
قَالَ: فَلَمَّا تَظَاهَرَتْ بَنُو بكر وقريش على خزاعة، وأصابوا منهم مَا أَصَابُوا، وَنَقَضُوا مَا كَانَ بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ رسول الله ص مِنَ الْعَهْدِ وَالْمِيثَاقِ بِمَا اسْتَحَلُّوا مِنْ خُزَاعَةَ- وَكَانُوا فِي عَقْدِهِ وَعَهْدِهِ- خَرَجَ عَمْرُو بْنُ سَالِمٍ الْخُزَاعِيُّ، ثُمَّ أَحَدُ بَنِي كَعْبٍ، حَتَّى قدم على رسول الله ص