هَذَا الرجل يدعوني إِلَى دينه، وَإِنَّهُ والله للنبي الَّذِي كُنَّا ننتظره ونجده فِي كتبنا، فهلموا فلنتبعه ونصدقه، فتسلم لنا دنيانا وآخرتنا.
قَالَ: فنخروا نخرة رجل واحد، ثُمَّ ابتدروا أبواب الدسكرة ليخرجوا منها فوجدوها قَدْ أغلقت، فَقَالَ: كروهم عَلِي- وخافهم عَلَى نَفْسه- فَقَالَ: يا معشر الروم، إني قَدْ قُلْت لكم المقالة الَّتِي قُلْت لأنظر كَيْفَ صلابتكم عَلَى دينكم لِهَذَا الأمر الَّذِي قَدْ حدث، وَقَدْ رأيت منكم الَّذِي أسر بِهِ، فوقعوا لَهُ سجدا، وأمر بأبواب الدسكرة ففتحت لَهُمْ، فانطلقوا حدثنا ابن حميد، قال: حدثنا سلمة، قال: حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ، عَنْ بَعْضِ أَهْلِ الْعِلْمِ، أَنَّ هِرَقْلَ قَالَ لِدِحْيَةَ بْنِ خَلِيفَةَ حين قدم عليه بكتاب رسول الله ص: وَيْحَكَ! وَاللَّهِ إِنِّي لأَعْلَمُ أَنَّ صَاحِبَكَ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، وَإِنَّهُ الَّذِي كُنَّا نَنْتَظِرُهُ وَنَجِدُهُ فِي كِتَابِنَا، وَلَكِنِّي أَخَافُ الرُّومَ عَلَى نَفْسِي، وَلَوْلا ذلك لا تبعته، فاذهب الى صغاطر الأَسْقُفِ فَاذْكُرْ لَهُ أَمْرَ صَاحِبِكُمْ، فَهُوَ وَاللَّهِ أَعْظَمُ فِي الرُّومِ مِنِّي، وَأَجْوَزُ قَوْلا عِنْدَهُمْ منى، فانظر ما يقول لك.
قال: فجاءه دِحْيَةُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا جَاءَ بِهِ مِنْ رَسُولِ الله ص الى هرقل، وبما يدعوه اليه، فقال صغاطر: صَاحِبُكَ وَاللَّهِ نَبِيٌّ مُرْسَلٌ، نَعْرِفُهُ بِصَفَتِهِ، وَنَجِدُهُ فِي كُتُبِنَا بِاسْمِهِ.
ثُمَّ دَخَلَ فَأَلْقَى ثِيَابًا كَانَتْ عَلَيْهِ سُودًا، وَلَبِسَ ثِيَابًا بِيضًا، ثُمَّ أَخَذَ عَصَاهُ، فَخَرَجَ عَلَى الرُّومِ وَهُمْ فِي الْكَنِيسَةِ، فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ الرُّومِ، إِنَّهُ قَدْ جَاءَنَا كِتَابٌ مِنْ أَحْمَدَ، يَدْعُونَا فِيهِ إِلَى اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ، وَإِنِّي أَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ، وَأَنَّ أَحْمَدَ عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.
قَالَ: فَوَثَبُوا عَلَيْهِ وَثْبَةَ رَجُلٍ وَاحِدٍ، فَضَرَبُوهُ حَتَّى قَتَلُوهُ فَلَمَّا رَجَعَ