إِذْنِ وَلِيِّهِ رَدَّهُ عَلَيْهِمْ، وَمَنْ جَاءَ قُرَيْشًا مِمَّنْ مَعَ رَسُولِ اللَّهِ لَمْ تَرُدَّهُ عَلَيْهِ وَأَنَّ بَيْنَنَا عَيْبَةً مَكْفُوفَةً، وَأَنَّهُ لا إِسْلالَ وَلا إِغْلالَ، وَأَنَّهُ مَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَعَهْدِهِ دَخَلَ فِيهِ، وَمَنْ أَحَبَّ أَنْ يَدْخُلَ فِي عَقْدِ قُرَيْشٍ وَعَهْدِهِمْ، دَخَلَ فِيهِ- فَتَوَاثَبَتْ خُزَاعَةُ فَقَالُوا: نَحْنُ فِي عَقْدِ رَسُولِ اللَّهِ وَعَهْدِهِ، وَتَوَاثَبَتْ بَنُو بكر، فقالوا: نحن في عقد قريش وعهدها- وَأَنَّكَ تَرْجِعُ عَنَّا عَامَكَ هَذَا، فَلا تَدْخُلُ عَلَيْنَا مَكَّةَ، وَأَنَّهُ إِذَا كَانَ عَامُ قَابِلٌ خَرَجْنَا عَنْكَ، فَدَخَلْتَهَا بِأَصْحَابِكَ، فَأَقَمْتَ بِهَا ثَلاثًا، وَأَنَّ مَعَكَ سِلاحَ الرَّاكِبِ، السُّيُوفُ فِي الْقِرَبِ لا تَدْخُلُهَا بِغَيْرِ هَذَا.
فَبَيْنَا رَسُولُ اللَّهِ ص يَكْتُبُ الْكِتَابَ هُوَ وَسُهَيْلُ بْنُ عَمْرٍو، إِذْ جَاءَ أَبُو جَنْدَلِ بْنُ سُهَيْلِ بْنِ عَمْرِو يَرْسُفُ فِي الْحَدِيدِ، قَدِ انْفَلَتَ إِلَى رَسُولِ الله ص- قال: وقد كان اصحاب رسول الله ص خَرَجُوا وَهُمْ لا يَشُكُّونَ فِي الْفَتْحِ، لِرُؤْيَا رآها رسول الله ص، فَلَمَّا رَأَوْا مَا رَأَوْا مِنَ الصُّلْحِ وَالرُّجُوعِ، وما تحمل عليه رسول الله ص فِي نَفْسِهِ، دَخَلَ النَّاسَ مِنْ ذَلِكَ أَمْرٌ عَظِيمٌ حَتَّى كَادُوا أَنْ يَهْلَكُوا- فَلَمَّا رَأَى سُهَيْلٌ أَبَا جَنْدَلٍ، قَامَ إِلَيْهِ فَضَرَبَ وَجْهَهُ، وَأَخَذَ بِلَبَبِهِ، فَقَالَ: يَا مُحَمَّدُ قَدْ لَجَّتِ الْقَضِيَّةُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ قَبْلَ أَنْ يَأْتِيَكَ هَذَا! قَالَ: صَدَقْتَ، قَالَ: فَجَعَلَ يَنْتُرُهُ بِلَبَبِهِ، وَيَجُرُّهُ لِيَرُدَّهُ إِلَى قُرَيْشٍ، وَجَعَل أَبُو جَنْدَلٍ يَصْرُخُ بِأَعْلَى صَوْتِهِ: يَا مَعْشَرَ الْمُسْلِمِينَ، أُرَدُّ إِلَى الْمُشْرِكِينَ يَفْتِنُونَنِي فِي دِينِي! فَزَادَ النَّاسَ ذَلِكَ شَرًّا إِلَى مَا بِهِمْ فَقَالَ [رَسُولُ اللَّهِ ص: يَا أَبَا جَنْدَلٍ، احْتَسِبْ، فَإِنَّ اللَّهَ جَاعِلٌ لك