الصلح فقدم الشاعر مولى أبي العباس المسمى سيف فاستأذن فأذن له ودخل متلثما فشال اللثام وأنشأ يقول:
أصبح الملك ثابت الأساس ... بالبها ليل من بني العباس
بالصدور القدمين قديما ... والرؤس القماقم الرؤاس
إلى آخر القصيدة التي منها:
واذكرن مصرع الحسن وزيد ... وقتيلا بجانب المهراس
فلما انتهى تغير لون الخليفة أبى العباس وامتقع فتذكر الوقائع التي أشار إليها الشاعر وذكره فيها وهي موت بل قتل الحسين وزيد وحمزة من بني هاشم رضي الله عنهم فأمر الخليفة بقتل أولئك العظماء الحاضرين من بني أمية شر قتلة وأكلوا طعاما وشربوا ماء عليهم هنيئا مريئا وربما سمعوا أنين من بقي منه رمق الحياة ولم يشفقوا بل قالوا ما أكلنا طعاما أهنأ ولا أمرأ من هذا، وأمثال ذلك كثيرة في عبر التاريخ وبالجملة ليس من شأن العقلاء العارفين ولا من شأن ذوي الهمم الغيورين كيف لا يعتبر المسلم التاريخ إذ كان أوائله غير مسلمين وكانوا وثنيين أو مجوسين لا شريعة يعملون بها ولا حكمة يهتدون بنورها وكانوا على شفا حفرة من النار فأنقذهم الله منها بإرسال رسول الله فهداهم على يده وأحدث انقلابا عظيما في العالم عموما وفي العرب خصوصا وأسس شريعة غراء في جبهة الدهر، وتاريخا يعد قمرا منيرا بين النجوم الزاهرة، ثم كيف يغفل المسلم عن درس التاريخ وفيه سيرة نبي خاتم الأنبياء صلى الله عليه وسلم. كيف كان وأصحابه الذين فتحوا العالم في مدة ربع قرن