مع الشيخ طاهر هذه المدة الطويلة لا يمكن أن تتم لو كان بينهما مثل هذا الاختلاف البين في المواقف السياسة وميزة طاهر الجزائري كانت عدم المهادنة.! ثم هناك موقف مهم ورد في الكتاب وهو مطالبة أبو يعلى الزواوي بعصرنة التعليم العربي في الجزائر وإدخال الاقتصاد السياسي والإداري والطب والفلسفة وهذه العصرنة هي التي قام بها الشيخ الطاهر الجزائري في دمشق والشام كله فجرت عليه غضب الأتراك وهذه المطالب بعصرنة التعليم في الجزائر والإصرار على العربية تتفق ليس فقط مع أفكار الشيخ الطاهر بل أيضا مع أفكار الحركة الوطنية الجزائرية وسائر فصائل حركة التحرر القومي العربي منذ مطلع القرن العشرين، فالبربرية زواوية وغير زواوية هي جزء من القومية العربية جنسا وثقافة، دينا وأرضا، ماضيا ومستقبلا.
إذن فإن مواقف الشيخ أبو يعلى الزواوي في نهاية التحليل هي المواقف (العربية الإسلامية) التي أجمع عليها كل رجالات الزواوة (الأمازيغ جميعا) من علماء وساسة منذ قرون ولم يخرج عن هذا الإجماع إلا فئة قيلة ممن أثرت فيهم أجهزة الدعاية الفرنسية. وما عبارته عن خطاب جامبول إلا كلمة مجاملة شاردة اقتضتها ظروف أكثر منها موقفا سياسيا أو ثقافيا، فالموقف السياسي والثقافي تجسد في رفقته لابن باديس في تأسيس جمعية العلماء المسلمين الجزائريين.
يشير أبو يعلى في مطلع حديثه عن نسب الزواوة إلى اختلاف المؤرخين فيه وأن هذا الاختلاف هو الذي لفت نظره للبحث والتنقيب هل هم عرب