أحد اتعظت لوعظه ولا ذكرني أحد فذكرت لذكراه مثلما حصل لي من كتابكم هذا الذي قام لدي مقام شخصكم فكأنكم شافهتموني بما احتوى عليه من الآيات القرآنية والأحاديث النبوية التي أعيتنا عند تدبرها دامعة، وقلوبنا خاشعة وبقضاء ربها راضية وإلى حكمه راجعة فوعظت فكنت من الواعظين وذكرت فكنت من المذكرين فجزاكم الله عنا أحسن الجزاء ... إلخ.
وكاتبني الشيخ طاهر الزواوي ثم الدمشقي الشهير بالجزائري جوابا عن رسالة لي إليه في شأن الزواوة وخصائصهم قبل اجتماعنا إذ هو بمصر وأنا بالشام فقال: أحيي فيك نزعة إصلاحية ونهضة زواوية وقد أثبت لي كتابك هذا ما بلغني عنك من غير واحد ثم اعلم أن تاريخ الزواوة تاريخ مجيد وتراجم علمائهم أشهر من أن تذكر وأكثر من تحصر وإنما يلزم أن تحرر لنا رسالة في لسانهم قل الشروع في تاريخهم - وتقدم ذكر هذا المعنى - وفي الديباج المذهب في أعيان المذهب وتاريخ ابن خلكان والسخاوي وغيرها من الكتب جملة من علماء الزواوة فراجعها ... إلخ.
ولما اجتمعت به بمصر وسكنا معا مدة خمسة أعوام تقريبا كلفني بتحرير مقالات كثيرة وبتأليف في النحو وآخر في إلزام الشبان الأصحاب التدين وألح علي في إثبات مذكراتي ونظراتي في السياسة وكان معجبا بها شهادة الإخوان الشاميين والمصريين الذين هم بقيد الحياة وكان يرسل إلي شبانا من تلاميذه وخواصه لتلقي المواعظ والإرشادات إلى غير ذلك من ظنه الكمال وهو الكامل وكان يعجب باستدلالي بالقرآن وتطبيقاتي الدينية واعتباراتي إياها