البشرية كنا مسيئين إليه وإلى أنفسنا فتتلاشى قوميتنا (?) وينهار بنا عزنا، إن عقلاء الإفرنج لكثرة ما خالطونا عن طريق قراءة أخبارنا واستعمار بلادنا والسياحة والتجارة بيننا - أصبحوا يعدون لنا من المذام والمساوئ الدينية والأدبية والاجتماعية ما لا يخطر لنا ببال وقد يتفق أحيانا أن يعجب بعض أولائك العقلاء بما تضمنته قرءاننا من الحكم الرائعة والآداب الناصعة والقواعد الجامعة فيجهر في محافل قومه بأن الإسلام من خير أديان البرية دينا وأنه ملائم لمصالح البشر وليس في أصوله ما يتنافي المدنية الصحيحة ثم يستنتج من ذلك كله أن المسلمين خير الأمم دينا وأدبا وفضيلة ونظاما اجتماعيا حتى إذا ساقته المقادير أو أحب الاستطلاع إلى بلادنا وأشرف من كتب على نوع حكوماتنا ومحاكمنا وأطوار خاصتنا وعامتنا وأحوال عائلاتنا (?) ومجتمعنا وسائر ضروب أشغالنا ومعاملاتنا. رجع القهقرى عن رأيه وندم على ما كان من التسرع في حكمه وعاد إلى قومه يئسا وعن مدحه الإسلام والمسلمين ساكتا وقد قال المرحوم جمال الدين مرة: إن عقلاء الإفرنج يتدبرون آداب القرآن وتعاليمه العالية ويحكمون بأنه خير قانون للإصلاح في شؤون البشر ويهمون أن يسلموا ثم ينظرون من خلال القرآن وتعاليمه العالية إلى الأمم الإسلامية السائمة في أسيا وإفريقية يرونها من أحط الأمم شأنا وأشدها ابتعادا عن روح الدين والمدنية وممارسة الفضيلة فينفرون من الإسلام وينظرون إلى القرآن كالمرتابين فيه وفي صلاحيته لأن يكون سلما ترتقي عليه الأمم إلى معارج المدنية والعمران وبعد أن رأوا ما رأوا من حالة أتباعه وهكذا