تاريخ الزواوه (صفحة 108)

وتجدهم مثل البربر في شدة الحياء والمحافظة على العرض والصبر على الشدائد واحتمال المكاره والكد والجد في سبيل الأسرة (العائلة) والحياة الأهلية والجماعية والعصبية وذلك أن للبربر خصائل تذكر فتشكر فشيخ التاريخ العلامة ابن خلدون أبصر بهم لأنه تقلب في مواطنهم وتولى وظائف دولهم ونقب في بلادهم وضرب في عرضها وطولها كما تقدم فقال محامدهم: وأما تخلفهم بفضائل الإنسانية وتنافسهم في الخلال الحميدة وما جبلوا عليه مرفاة الشرف والرفعة بين الأمم ومدعاة المدح والثناء من الخلق من عز الجوار وحماية النزيل ورعي الذمة والوسائل والوفاء بالقول والعهد والصبر على المكاره والثبات في الشدائد وحسن الملكة والإغضاء عن العيون والتجافي عن الانتقام ورحمة المسكين وبر الكبير وتوقير الدين وحمل الكل وكسب المعدوم وقرى الضيف والإعانة على النواب وعلو الهمة وإباية للضيم ومشاقة الدول ومقارعة الخطوب وغلاب الملوك وبيع النفوس من الله في نصر دينه فلهم في ذلك آثار ينقلها الخلف عن السلف لو كانت مسطورة لحفظ منها ما يكون أسوة لمتبعيه من الأمم أو حسبك ما اكتسبوا من حميدها واتصفوا به من شريفها أن قادتهم إلى مراقي العز وأوفت بهم على ثنايا الملك حق علت على الأيدي أيديهم ومضت في الخلق بالبسط والقبض أحكامهم وكان مشاهيرهم بذلك من أهل الطبقة الأولى بلكين بن زيري الصنهاجي عامل افريقية للعبيديين ومحمد بن خزر والخير ابنه وعروبة بن يوسف الكتامي القائم بدعوة عبيد الله الشيعي ويوسف بن تاشفين ملك لمتونة بالمغرب وعبد المؤمن بن علي شيخ الموحدين وصاحب الإمام المهدي إلى آخر ما عبر وخبر رحمه الله.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015