جستنيان عرش بيزنطية، فبدأ عهده باسترداد تدمر1، وفي مطلع عام 528م، فيما كان الجيش البيزنطي يجتاز الصحراء للاستيلاء على مدينة نصيبين من الخلف، داهمه جيش الفرس، وألحق به خسارة كبيرة، وجدد الفرس، بمساعدة عرب الحيرة بقيادة المنذر، مهاجمة البيزنطيين في ربيع عام 529م، وهزموا الجيش البيزنطي، وارتأى قباذ الأول أن يهاجم أرمينية، لكنه استمع إلى نصائح المنذر، وتوجه بقواته إلى أنطاكية، فهاجمها ودخلها دون مقاومة تذكر، فسبى وغنم، وتراجع دون أن يلقى الجيش البيزنطي، وعرض قباذ الأول على البيزنطيين عقد هدنة، لكن عمق الخلافات حال دون تحقيقها.

جدد الفرس هجماتهم على الأراضي البيزنطية في ربيع عام 531م، وبلغوا موقعًا متوسطًا بين قنسرين2 ونهر الفرات، وهزموا القائد البيزنطي بلزاريوس الذي تراجع إلى الرقة3، ثم اجتاحوا منطقة الرها4، ودخلوا إلى المدينة ونهبوها.

خشي جستنيان من انهيار الجبهة الشرقية، فأثار مملكة أكسوم الحبشية على شن هجمات على مناطق النفوذ الفارسي في جنوبي الجزيرة العربية انطلاقًا من اليمن التي احتلها الأحباش قبل بضع سنوات، وعمد في الوقت نفسه إلى مسالمة الفرس، فأرسل إليه قباذ الأول مقترحات السلام التي تقوم على المبادئ التالية:

- تدفع بيزنطية تعويضات الحرب للفرس.

- تسحب بيزنطية قيادة قواتها من بلاد ما بين النهرين، وبالتحديد من دارا5.

- تمول بيزنطية حماية الفرس لممرات القوفاز.

قبل جستنيان هذه المقترحات، ولم يغير موت قباذ الأول الوضع، وجرى التوقيع على اتفاقية السلام من قبل كسرى الأول أنوشروان، الذي خلف قباذ، وسميت هذه المعاهدة بالسلام الأبدي6.

يعد ارتقاء كسرى الأول عرش فارس فاتحة عهد جديد في التاريخ الفارسي بما

طور بواسطة نورين ميديا © 2015