بحكم مجاورتهم لبني أسد، فسيكون من الممكن عندئذ أن نستنتج من ذلك أن الأمر لم يبلغ مدى بعيدًا في ما يتعلق بإسلام بني تميم وردتهم، وفي هذه الحالة يكون خالدًا خليقًا أن ينتهز الفرصة السانحة التي أتيحت له، ويكون لقاؤه مع مالك بن نويرة من باب الصدقة1.
بين خالد ومالك بن نويرة:
تختلف روايات المصادر في عرضها لقضية مالك بن نويرة، الأمر الذي يجعل الحديث عن رواية نموذجية، ينطوي على الإشكال، فقد قدم مالك على النبي فيمن قدم من أمثاله من العرب، فولاه صدقات قومه بني يربوع كما أشرنا، فلما مات النبي امتنع عن دفع الزكاة، وفرق ما في يده من إبل الصدقة، وتجاهل نصائح أقرانه في القبيلة، بعدم الإقدام على هذا التصرف2، وعندما علم بزحف خالد باتجاه البطاح، هاله الأمر، وأدرك أنه عاجز عن مواجهة المسلمين ميدانيًا، فأمر أتباعه بالتفرق، ونهاهم عن الاجتماع والمقاومة3، وتوقف عند هذا الحد، فلم يخرج للقاء خالد، وإعلان توبته وعودته إلى الإسلام، ويبدو أنه لم يكن بوسعه أن يحمل نفسه على مسيرة عدها مذلة لكبريائه.
والواقع أن أحداث بني تميم، ومقتل مالك تتضمن خمسة عناصر جوهرية هي:
- سوء الفهم اللغوي الذي أدى إلى القتل بطريق الخطأ.
- استجواب مالك الذي انتهى بحكم الإعدام.
- شهادة أبي قتادة الأنصاري التي يتم إيرادها كرواية مواكبة بأن مالكًا، وبني يربوع كانوا مسلمين.
- الاختلاف في وجهات النظر بين أبي بكر وعمر.
- اتهام خالد بقتل مسلم، والتزوج بامرأته.
تظهر قضية سوء الفهم أو الالتباس اللغوي، في رواية سيف التي رواها الطبري4، إذ عندما وصل خالد إلى البطاح بث سراياه، وأمرهم بداعية الإسلام على أن يأتوه بكل من لم يجب، وإن امتنع أن يقتلوا تنفيذًا لوصية أبي بكر، فجاءته الخيل بمالك بن نويرة مع نفر من أصحابه من بني يربوع، فاختلف أفراد السرية فيهم.