رآه محاولة لاغتصاب السلطة، وضربة موجهة إلى شرعيته، لكنه واجه عدة صعاب، فالكوفيون فقدوا القدرة على التماشي معه والدفاع عن قضيته، كما فشل زعماء القبائل في تجييش أتباعهم، وفق القراء دورهم بعد النهروان، وزال الأشعث بن قيس، ومحمد بن أبي بكر ومحمد بن أبي حذيفة؛ لذلك اختار علي جيلًا جديدًا ربطه بشخصه وسلطانه1، مثل مالك بن كعب الهمذاني، ومعقل نب قيس الرياحي التميمي، والمسيب بن نجبة الفزاري، وعبد الرحمن بن شريح الهمذاني، وحجر بن عدي الكندي، وسليمان بن صرد الخزاعي، كما اعتمد على أفراد أسرته، وبخاصة الفرع العباسي، فولاهم المناصب الإدارية، مثل عبد الله بن عباس والي البصرة، وأخيه عبيد الله والي اليمن، وأخيه الآخر قثم في مكة، وسهل بن حنيف من الأنصار، والي المدينة السابق، لكن هذا الالتفاف تعرض هو الاخر إلى الانحلال، ففي عام "40هـ/ 660م" غادر عبد الله بن عباس مركزه في البصرة، والتحق بمعاوية2 مثيرًا انفعال القبائل واضطرابها، وفر عبيد الله بن عباس من أمام بسر بن أرطأة، في حين كان أهل المدينة يغادرون إلى معاوية.
واعتمادًا على المقاتلين الجدد، قام علي بتعبئة عامة في العراق بعامة، وفي الكوفة بخاصة، بهدف شن هجوم واسع، وشامل ضد معاوية وأهل الشام، ووضعت الخطوط العريضة لهذا المشروع الهجومي، أي إنشاء قوة ضاربة تقودها نخبة محاربة مخلصة، فيما عرف بشرطة الخميس3، لكن المشروع توقف، ولم ينفذ بسبب مقتل علي.
مقتل علي4:
حصل مقتل علي إثر اتفاق بين الخوارج في مكة، يقضي بقيام ثلاثة عناصر خارجية هم عبد الرحمن بن ملجم المرادي، والحجاج بن عبد الله الصريحي، وهو البراك، وعمرو بن بكر التميمي، باغتيال الأشخاص الثلاثة الذين تسببوا في انقسام المسلمين وتشتتهم، وهم علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان وعمرو بن العاص.