تطور موازين القوى في معسكر علي، وهو بانتظار وصول عمرو بن العاص الذي استدعاه من فلسطين لمشاورته في الأمر؛ لذلك أجل رده إلى ما بعد وقعة الجمل، وأمسك الرسول1.
ووجد معاوية في عمرو بن العاص، سندًا قويًا، فأشركه في مشروعه ووعده بمنحه ولاية مصر مدى الحياة في حال انتصاره، وبأنه سوف يساعده في تجاوز العقبات الداخلية والخارجية، ونصحه بتنظيم دعاية في أوساط مقاتلة الشام، وفلسطين ضد علي، وتحميله مسئولية قتل عثمان وإيواء قتلته، ثم يقاتله بهم2، فاستدعى شرحبيل بن السمط الكندي، وهو من أشراف كندة، والرجل الأكثر تأثيرًا في بلاد الشام، قبليًا، وفيما يتعدى المزعامة القبلية، وأقنعه بمسئولية علي عن تفجير الوضع، ودعاه إلى دعمه للمطالبة بدم عثمان، فجال هذا في مختلف المدن الشامية يروج لأفكاره، ونجح في استقطاب أهالي الشام باستثناء أهل حمص3، وكان ذلك كافيًا لدعم موقف معاوية ومطالبه، الأمر الذي سمح له بأن يعيد رسول علي مزودًا بشرطين:
الأول: القصاص من قتله عثمان.
الثاني: الشورى لانتخاب خليفة جديد4.
كان ذلك الرد بمثابة إعلان حرب، إذن هناك نقطتان أساسيتان تشكلان مضمون الصراع من جانب معاوية: الأولى ذات صلة بمقتل عثمان، والثانية متعلقة بمسألة شرعية السلطة5، وشدد على النقطة الأولى أمام مقاتلة الشام الأشد تأثرًا بالدعوة للانتقام للخليفة المقتول، وهو يستند إلى كونه وليًا له بسبب قرابته منه6، وأمام القراء الأقل تحمسًا للسير معه، وعندما طلب منه هؤلاء تبرير موقفه أجابهم: "إذا كان علي لم يقتل عثمان فقد تواطأ على قتله، وحمى القتلة الذين يشكلون محيطه ونواة أتباعه"7، وعلى هذا النحو ربط بين عنصري الصراع، فكرة المطالبة بدم عثمان، والدعوة إلى الشورى8، لكنه لم يتمكن من توجيه تهمة مباشرة لعلي بالضلوع في