عليها المسلمون من البيزنطيين، وتقريبها إلى ساحل حصن عكا الذي أمر بترميمه، كما رمم ثغر صور1، وكتب إلى أهل السواحل بالاستعداد لغزو قبرص التي اختارها هدفًا عسكريًا لنشاط الأسطول الإسلامي، بفضل وضعها الجغرافي المتميز آنذاك، كقاعدة لغزو القسطنطينية.

وخرج معاوية على رأس حملته الأولى على الجزيرة في عام "28هـ/ 649م"2، وتألف الأسطول الإسلامي من مائة وعشرين مركبًا بقيادة عبد الله بن قيس3، وخرج معه جمع من الصحابة منهم أبو ذر الغفاري، وعبادة بن الصامت، وزوجته أم حرام، والمقداد بن الأسود وغيرهم4.

وصادف الأسطول الإسلامي، وهو في طريقه إلى قبرص، بعض المراكب البيزنطية المحملة بالهدايا، وقد بعث بها ملك قبرص إلى الإمبراطور قنسطانز الثاني، فاستولى المسلمون عليها، وعندما وصل الأسطول الإسلامي إلى قبرص رسا على ساحلها، وأغار الجنود المسلمون على نواحيها، وغنموا الكثير من أهلها، واضطر ملك قبرص في ظل عجزه عن المقاومة إلى طلب الصلح، فصالحه معاوية على أن:

- يؤدي أهل الجزيرة جزية سنوية مقدارها سبعة آلاف دينار، كما يؤدون للبيزنطيين مثلها، وليس للمسلمين أن يحولوا بينهم، وبين ذلك.

- يمتنع المسلمون عن غزو الجزيرة، ولا يقاتلون عن أهلها من أرادهم من ورائهم.

- يعلم أهل الجزويرة المسلمين بتحركات البيزنطيين المعادية لهم.

- يعين المسلمون على أهل الجزيرة بطريقًا منهم5.

الواقع أن هذه الشروط التي فرضها معاوية على مالك قبرص، متواضعة، ويبدو أنه رأى أن الظروف الضرورية للاستقرار في الجزيرة لم تتوفر بعد، وأن الحملة لم تكن أكثر من حملة استكشافية، واختبار قوة البحرية الإسلامية، لكن الدواعي العسكرية دفعته إلى تغيير تفكيره، وذلك في عام "32هـ/ 653م"، حين ساعد أهل الجزيرة البيزنطيين، في حربهم ضد المسلمين، وأعطوهم بعض المراكب من أجل ذلك، فنقضوا الصلح المبرم بينهم وبين المسلمين، مما حمل معاوية على غزو الجزيرة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015