وعمل المسلمون على توطيد نفوذهم من جديد من بعض المدن الفارسية التي ثارت ضد الحكم الإسلامي، ذلك أن المسلمين لم يستقروا تمامًا في مناطق الأطراف، ولم يوطدوا حكمهم فيها، فكانوا ينطلقون من الكوفة أو البصرة للفتح، ثم يعودون إليها بعد أن يعقدوا الصلح مع السكان المحليين، ثم إن هؤلاء ظلوا مخلصين لقوميتهم مما أتاح لهم القيام بثورات للتخلص من الحكم الإسلامي كلما سنحت لهم الفرصة، وكان التغيير في مركز القيادة فرصة سانحة لهؤلاء لتحقيق أمانيهم.

تصدى المسلمون لهذه الثورات على حكمهم، وتمكنوا من إخمادها، وثبتوا أقدامهم في المناطق الثائرة، نذكر منها: ثورة همذان وأذربيجان، والري واصطخر

وطبرستان، وجرجان وخراسان، وكرمان، وأعاد المسلمون فتح مدينة الإسكندرية في عام "25هـ/ 645م" في عهد ولاية عبد الله بن سعد بن أبي

سرح، بعد أن هاجمها البيزنطيون انطلاقًا من جزيرة رودس بهدف استعادتها، وقد فاجأ هؤلاء الحامية الإسلامية، ونزلوا على البر واستولوا عليها، توغلوا في

أرض مصر حتى كادوا يصلون إلى بابليون، ولم ينقذ الموقف سوى عمرو بن العاص الذي عينه الخليفة واليًا على الإسكندرية، وأمره بطرد البيزنطيين منها، ودمر عمرو أسوار الإسكندرية حتى لا يتحصن البيزنطيون فيها مرة أخرى إذا نجحوا في استعادتها1.

فتح أرمينية:

توغل المسلمون في الربوع الأرمينية في عهد عثمان، إذ إن الحملات الإسلامية المتواترة ضد بلاد الأرمن كانت تسير وفق خطة عسكرية محكمة، وموضوعة مسبقًا، بهدف فتح هذه البلاد، وضمها إلى الأملاك الإسلامية، ونشر الإسلام في ربوعها، ونجح المسلمون بقيادة مسلمة بن حبيب الفهري، في بسط سلطانهم على أودية نهر الرس، ونهر الفرات، وصادفوا مقاومة في تفليس، والمناطق الجبلية المرتفعة2.

وخاب أمل الأرمن في بيزنطية التي عجزت عن الدفاع عنهم وحمايتهم، واضطر القائد الأرميني تيودور الرشتوني، الذي تخلت بيزنطية عنه بسبب ميوله المذهبية المعادية، وموقفه السابق من القائد الإمبراطوري بروكوبيوس في معركة ساراكين؛ إلى إجراء مفاوضات منفردة مع المسلمين انتهت إلى التسوية التالية:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015