شروط تعيين الوالي:
إن أولى بوادر التنظيم الإداري من حيث تعيين الموظفين تعيين أبي بكر القادة الذين أرسلهم لفتح بلاد الشام؛ ولاة على المناطق التي كلفوا بفتحها، فقد ولى عمرو بن العاص على فلسطين، وشرحبيل بن حسنة على الأردن، ويزيد بن أبي سفيان على دمشق، وأبا عبيدة بن الجراح على حمص، وأنه إذا حدث قتال فأميرهم هو الذي يكونون في عمله1، وأمر عمرًا مشافهة أن يصلي بالناس إذا اجتمعوا، وإذا تفرقوا صلى كل أمير بأصحابه، وأمر الأمراء أن يعقدوا لكل قبيلة لواء يكون فيهم2، لكن نلاحظ توحيدًا للقيادات بعد ذلك عندما جاء خالد بن الوليد إلى بلادا لشام مددًا للمسلمين هناك، واستمر هذا التوحيد في خلافة عمر الذي جمع الشام كله في السلم، والحرب لأبي عبيدة بن الجراح نظرًا لمكانته، وعظيم ثقته به3، وعمد أبو عبيدة أثناء عملية الفتوح إلى تعيين وال على كل مدينة صالحه أهلها، وضم جماعة من المسلمين إليه، ويتمتع الوالي بصلاحات عسكرية، ومدنية واسعة بوصفه رأس الهرم التنظيمي في ولايته، فهو الذي يوجه القادة، ويعين العمال على الكور، ويوافق على عقود الصلح التي يبرمها قادئه4.
يعتمد أسلوب عمر في اختيار الولاة على توفر عدة صفات في المرشح في ما سمي بالشروط العمرية، لعل أهمها5:
- القوة والقدرة المؤهلة للنهوض بالعمل المسند إلى المكلف به، ويقول في ذلك: "إني لأتحرج أن أستعمل الرجل، وأنا أجد أقوى منه"، فعندما عزل شرحبيل بن حسنة عن ولاية الشام، وأسندها إلى معاوية، قال له الأول: "أعن سخطة يا أمير المؤمنين؟ قال: لا، إنك لكما أحب، ولكني أريد رجلًا أقوى من رجل"6.
- الرحمة والرأفة بالناس، فكان لا يوالي الرجل الذي يخشى من شدته على الرعية لفقدان الرحمة.