- خلق بيئة مناسبة لسكن المسلمين يعيشون فيها على نحو مألوف، وتقيم فيها أسرهم.

يقع الفسطاط على ملتقى فروع النيل المنتشرة في الدلتا مع المجرى الرئيسي للنهر، تحيط به البساتين والأشجار والنخيل، وهو على حافة الصحراء، لا يفصل بينه وبين الحجاز ماء، وفي استطاعة الخليفة أن يركب إليه راحلته حتى يبلغه دون أن يعبر ماء في طريقه، كما يؤمن المركز المشرف على قسمي الديار المصرية الشمالي والجنوبي.

روى البلاذري أن الزبير هو الذي اختط المدينة، واتخذ لنفسه دارًا فيها وجعل فيها السلم الذي صعد عليه إلى سور الحصن، وبقي ذلك السلم فيها حتى احترق في السلم الذي صعد عليه إلى سور الحصن، وبقي ذلك السلم فيها حتى احترق في حريق1، وذكر الحموي أن عمرو بن العاص ولى على الخطط، معاوية بن حديج، وشريك بن سمي، وعمرو بن قحزم، وجبريل بن ناشرة المعافري، فكانوا هم الذين نزلوا القبائل، وفصلوا بينهم2.

من المستبعد أن تكون مدينة الفسطاط قد جعلت عند اختطاطها مدينة كبيرة، أو أنه كان يقصد منها أن تكون عاصمة للمسلمين، لكنها وإن ابتدأت صغيرة، قد نمت نموًا سريعًا بعد سنة من تأسيسها، فقد رأى المسلمون أنهم يستطيعون البناء خارج أسوار الحصن، ويتوسعون لا يخافون شيئًا بعد أن وضعت الحرب أوزارها، وأمنوا الغدر من أن يأتيهم من جانب المصريين.

بناء المسجد الجامع:

كان أول عمل يقوم به المسلمون عادة بعد أن يؤسسوا مدينة، بناء المسجد الجامع ودارًا للحكومة، ثم يختطون حولهما، وهكذا بنى عمرو بن العاص المسجد الجامع في محلة الراية3 وسط البساتين والكروم، وهو أول مجسد أسس في الديار المصرية.

وكان قد نزل في هذا المكان أبو عبد الرحمن قيسبة بن كلثوم التجيبي، أحد بني سوم، سار من الشام إلى مصر مع عمرو بن العاص، ولما اختط عمرو داره مقابل تلك الجنان التي نزل بها قيسية، وتشاور المسلمون أين يكون المسجد الجامع، رأوا أن يكون منزل قيسبة، فلما طلبه عمرو منه تنازل عنه صدقة للمسلمين4.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015