من أهل فارس، إذا استجمع أمرهم وملأهم في عقر دارهم، وأن يقاتلهم على حدود أرضهم على أدنى حجر من أرض العرب،

وأدنى قدرة1 من أرض العجم؛ فإن يظهر الله المسلمين عليهم فلهم ما وراءهم، وإن تكن الأخرى فأووا إلى فئة، ثم يكونوا أعلم بسبيلهم، وأجرأ على أرضهم؛ إلى أن يرد الله الكرة عليهم"2.

وكتب عمر إلى سعد وهو بشراف كتابًا يتضمن نصائح عسكرية تماثل ما تضمنه كتاب المثنى، حيث استفاد من تجارب الحروب السابقة مع الفرس، فوضع له خطة عسكرية تقوم على قاعدتين:

الأولى: اختيار مكان مناسب لخوض المعركة على أن يكون على الحدود الطبيعية بين الصحراء، وبين المسالك والمسطحات المائية، ويحفظ خط الرجعة لجيش المسلمين إذا دارت الدائرة عليهم؛ لأنه ليس وراءهم إلا الصحراء، في حين تكون هذه العوائق المائية نكبة على الفرس إذا دارت الدائرة عليهم؛ لأنها ستعرقل انسحابهم.

الثانية: أن تكون المعركة حاسمة تقضي على القوة الميدانية للجيش الفارسي بحيث يتعذر على الفرس حشد قوة أخرى بعدها3.

أرسل سعد زهرة بن الحوية إلى العذيب4 كطليعة، وكانت هذه القرية من مسالح فارس الحصينة، وتحوي مخازن أسلحة الفرس، ولما وصل إليها دخلها دون قتال؛ لأن الفرس قد هجروها، وارتحل سعد في إثره، فأنزل فيها نساء المسلمين، ووضع فيها حامية عسكرية بقيادة غالب بن عبد الله الليثي، ثم تابع تقدمه حتى وصل إلى القادسية، فتمركز بحصن قديس5، في حين عسكر زهرة أمام قنطرة العتيق6، وهي مفتاح المرور بتلك الجبهة، وذلك بناء على أوامر الخليفة7.

واجه سعد في بداية الأمر مشكلة تأمين المواد التموينية لقواته الضخمة، وبخاصة أنه متمركز على تخوم الصحراء، وبعد مشاورات مع المدينة تقرر أن يمدهم الخليفة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015