ووقف القادة المسلمون في بلاد الشام على هذه التعبئة البيزنطية، فتشاوروا فيما بينهم، واستقر الرأي على اقتراح قدمه عمرو بن العاص ويقضي باجتماع الجيوش الإسلامية في مكان واحد1، وقضت الخطة:

- بالجلاء بأقصى سرعة ممكنة عن المناطق التي فتحوها في الداخل، إذ المهم في الحرب ليس السيطرة على العواصم والبلدان، بل القضاء على جيوش العدو وسحق مقاومتها.

- بالتراجع حتى جوار بصرى، مع تجنب الاشتباك بالعدو، والدخول معه في معركة غير متكافئة، على أن يتم تنظيم المرحلة التالية من العمليات فيما بعد2.

تنفيذًا لهذه الخطة سار أبو عبيدة باتجاه بصرى، وجلا يزيد عن الغوطة، ورفع الحصار عن دمشق، ثم جلا شرحبيل رافعًا الحصار عن بصرى، واجتمعت الجيوش الثلاثة في جوار بصرى في حين أخذ عمرو بن العاص ينسحب تدريجيًا بمحاذاة الضفة الغربية لنهر الأردن ليتصل بزملائه3.

بعد تنفيذ إجراءات التراجع والتجمع في جوار بصرى، كتب أبو عبيدة رسالة إلى أبي بكر يعلمه بقرار القادة ويطلب موافقته عليه، وفعلًا وافق أبو بكر على هذا القرار، وأدرك في الوقت نفسه حرج موقف المسلمين على الجبهة الشامية، وأنهم بحاجة إلى قيادة عسكرية فذة تخرجهم من هذا الوضع الحرج، وجدها في خالد بن الوليد الذي انتشرت أخبار انتصاراته على الفرس في العراق، فاستشار أصحابه، فوافقوه4.

والواقع أن المسلمين في العراق حققوا هدفهم الآني، وهو السيطرة على إقليم الحيرة وغربي الفرات، وأزاحوا وأزاحوا نفوذ القبائل النصرانية عن الفرات الأوسط، وبفعل ضعف رد الفعل الفارسي تجاه هذا التوسع بسبب النزاعات الداخلية، كان لا بد من تفعيل جبهة بلاد الشام، وبخاصة أن الجيوش الإسلامية هناك لم تحرز تقدمًا يذكر، وظلت تتمركز في مواقعها الأساسية عند حافة الصحراء على الرغم من أن التهديد الخطير الذي يمكن أن تشكله الفرق العسكرية البيزنطية في المنطقة لم يكن يتسم بالرجحان الشديد، واحتاج المسلمون إلى قوات إضافية للتوسع في مناطق المدن، وتمثل هذه الأفكار الخلفية لاستدعاء خالد بشطر الجيش، انطلاقًا من النظرة الصحيحة.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015