باتجاه الشمال، ويعد خضوع هذه القبائل، وقطع علاقاتها ببيزنطية فتحًا لمنافذ الطرق إلى بلاد الشام، وبعثًا لروح المقاومة والتحرير في نفوس العرب، ويذكر الأزدي1.

أن لخمًا وجذامًا وغسانًا، وعاملة والقين وقبائل من قضاعة، اشتركوا مع المسلمين في معركتي أجنادين2 واليرموك3، كما تعد المعاهدات التي عقدها النبي مع هذه القبائل بمثابة اعتراف بالقوة الإسلامية الناشئة، كما يصح عدها نواة الفتوح الإسلامية لبلاد الشام في عهد أبي بكر الصديق4.

وجهز النبي، بعد عودته إلى المدينة من غزوة تبوك، حملة أخرى بقيادة أسامة بن زيد لإرسالها إلى التخوم الشمالية، والواضح أنه لم يستهدف فتح بلاد الشام، أو الدخول في معركة سافرة مع البيزنطيين بدليل أنها تألفت من ثلاثمائة مقاتل فقط، وإنما هدف أن تكون أشبه بمناورة عسكرية، وإظهار قوة المسلمين أمام القبائل التي ما تزال تساند البيزنطيين، لكن النبي توفي قبل أن تنطلق الحملة5.

الثاني: التغيير الإداري

عندما تسلم هرقل زمام الحكم في القسطنطينية في عام 610م، كان الخراب والدمار قد حلا بالإمبراطورية، وساءت أحوال البلاد الاقتصادية والمالية، وأصاب الشلل أجهزة الإدارة الحكومية، وأضحى النظام العسكري الذي يستند على تجنيد المرتزقة، عديم الفائدة، بعد أن عجزت الدولة، عن تجنيد المرتزقة بفعل فراغ الخزانة من الأموال، ويكمن دور المال هنا في تجنيد العرب للخدمة في الجيس البيزنطي، وضمان استمرارهم فيه، وازدادت أهميته مع تنامي الدولة الإسلامية، وتهديدها للمناطق الجنوبية من بلاد الشام، وتعرضت الأقاليم الكبيرة الواقعة في وسط الإمبراطورية لغارات الأعداء، فاستقر الصقالبة، والآقار في البلقان، في حين وطد الفرس وجودهم في قلب آسيا الصغرى، ولم يكن ثمة وسيلة لإنقاذ الإمبراطورية، التي أضحت بحاجة ماسة للدفاع عن نفسها، سوى قيام حركة إصلاح داخلية.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015