بنوا المدائن وحصنوها؟ أين الذين كانوا يعطون الغلبة في مواطن الحرب؟ قد تضعضعت أركانهم حين أخنى بهم الدهر1 وأصبحوا في ظلمات القبور! الوحا الوحا ثم النجاء النجاء2.
وأخرج أحمد في الزهد عن سلمان قال: أتيت أبا بكر، فقلت: اعهد إلي فقال: يا سلمان، اتق الله، واعلم أنه سيكون فتوح فلا أعرفن ما كان حظك منها ما جعلته في بطنك أو ألقيته على ظهرك، واعلم أنه من صلى الصلوات الخمس، فإنه يصبح في ذمة الله، ويمسي في ذمة الله تعالى، فلا تقتلن أحدًا من أهل ذمة الله فتخفر الله في ذمته3 فيكبك الله في النار على وجهك.
وأخرج عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: يقبض الصالحون الأول فالأول حتى يبقى من الناس حثالة كحثالة التمر والشعير، لا يبالي الله بهم.
وأخرج سعيد بن منصور في سننه عن معاوية بن قرة: أن أبا بكر الصديق -رضي الله عنه- كان يقول في دعائه: اللهم اجعل خير عمري آخره، وخير عملي خواتمه، وخير أيامي يوم لقائك.
وأخرج أحمد في الزهد عن الحسن، قال: بلغني أن أبا بكر كان يقول في دعائه: اللهم إني أسألك الذي هو خير لي في عاقبة الأمر، اللهم اجعل آخر ما تعطيني من الخير رضوانك والدرجات العلا من جنات النعيم4.
وأخرج عن عرفجة قال: قال أبو بكر رضي الله عنه: من استطاع أن يبكي فليبك، وإلا فليتباك.
وأخرج عن عزرة عن أبي بكر -رضي الله عنه- قال: أهلكنا الأحمران: الذهب، والزعفران.
وأخرج عن مسلم بن يسار عن أبي بكر قال: إن المسلم ليؤجر في كل شيء، حتى في النكبة وانقطاع شسعه5، والبضاعة تكون في كمه فيفقدها فيفزع لها فيجدها في غبنه6.
وأخرج عن ميمون بن مهران، قال: أتى أبو بكر بغراب وافر الجناحين، فقلبه ثم قال: ما صيد من صيد ولا عضدت من شجرة إلا بما ضيعت من التسبيح.
وأخرج البخاري في الأدب وعبد الله بن أحمد في زوائد الزهد عن الصنابحي: أنه سمع أبا بكر يقول: إن دعاء الأخ لأخيه في الله يستجاب7.