تاريخ الخلفاء (صفحة 62)

أضعفكم عندي القوي حتى آخذ منه الحق، أيها الناس إنما أنا متبع، ولست بمبتدع، فإذا أحسنت فأعينوني، وإن أنا زغت فقوموني، أقول قولي هذا وأستغفر الله لي ولكم1.

قال مالك: لا يكون أحدًا إمامًا أبدًا إلا على هذا الشرط.

وأخرج الحاكم في مستدركه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ارتجت مكة، فسمع أبو قحافة ذلك، قال: ما هذا؟ قالوا: قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: أمر جلل فمن قام بالأمر بعده؟ قالوا: ابنك، قال: فهل رضيت بذلك بنو عبد مناف وبنو المغيرة؟ قالوا: نعم، قال: لا واضع لما رفعت، ولا رافع لما وضعت.

وأخرج الواقدي من طرق عن عائشة، وابن عمر، وسعيد بن المسيب، وغيرهم -رضي الله عنهم- أن أبا بكر بويع يوم قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يوم الاثنين لاثنتي عشرة ليلة خلت من ربيع الأول سنة إحدى عشرة من الهجرة2.

وأخرج الطبراني في الأوسط عن ابن عمر قال: لم يجلس أبو بكر الصديق في مجلس رسول الله -صلى الله عليه وسلم- على المنبر حتى لقي الله، ولم يجلس عمر في مجلس أبي بكر حتى لقي الله، ولم يجلس عثمان في مجلس عمر حتى لقي الله3.

فصل: فيما وقع في خلافته

والذي وقع في أيامه من الأمور الكبار: تنفيذ جيش أسامة، وقتال أهل الردة، ومانعي الزكاة، ومسيلمة الكذاب، وجمع القرآن.

أخرج الإسماعيلي عن عمر -رضي الله عنه- قال: لما قبض رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ارتد من ارتد من العرب وقالوا: نصلي ولا نزكي، فأتيت أبا بكر فقلت: يا خليفة رسول الله! تألف الناس وارفق بهم فإنهم بمنزلة الوحش، فقال: رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك، جبارًا في الجاهلية خوارًا في الإسلام، بماذا عسيت أن أتألفهم؟ بشعر مفتعل أو بسحر مفترى؟ هيهات هيهات! مضى النبي -صلى الله عليه وسلم- وانقطع الوحي، والله لأجاهدنهم ما استمسك السيف في يدي وإن منعوني عقالاً، قال عمر: فوجدته في ذلك أمضى مني وأحزم وأدب الناس على أمور هانت على كثير من مؤنتهم حين وليتهم.

وأخرج أبو القاسم البغوي، وأبو بكر الشافعي في فوائده، وابن عساكر عن عائشة -رضي الله عنها- قالت: لما توفي النبي -صلى الله عليه وسلم- اشرأب النفاق، وارتدت العرب، وانحازت الأنصار، فلو نزل بالجبال الراسيات ما نزل بأبي لهاضها، فما اختلفوا في نقطة إلا طار أبي بفنائها

طور بواسطة نورين ميديا © 2015