العادل وجعلوا أتابكه الأمير سيف الدين قلاوون وضرب السكة باسمه على وجه، ودعي لهما في الخطبة، ثم في رجب نزع سلامش من السلطنة بغير نزاع، وتسلطن قلاوون ولقب بالملك المنصور.
وفي سنة تسع وسبعين يوم عرفة وقع بديار مصر برد كبار وصواعق.
وفي سنة ثمانين وصل عسكر التتار إلى الشام، وحصل الرجيف، فخرج السلطان لقتالهم ووقع المصاف، وحصل مقتلة عظيمة، ثم حصل النصر للمسلمين والحمد لله.
وفي سنة ثمانٍ وثمانين أخذ السلطان طرابلس بالسيف، وكانت في أيدي النصارى من سنة ثلاث وخمسمائة إلى الآن، وكان أول فتحها في زمن معاوية، وأنشأ التاج ابن الأثير كتابًا بالبشارة بذلك إلى صاحب اليمن يقول فيه: وكانت الخلفاء والملوك في ذلك الوقت ما فيهم إلا من هو مشغول بنفسه، مكب على مجلس أنسه، يرى السلامة غنيمة، وإذا عن له وصف الحرب لم يسأل إلا عن طريق الهزيمة، قد بلغ أمله من الرتبة، وقنع بالسكة والخطبة، أموال تنهب، وممالك تذهب، لا يبالون بما سلبوا، وهم كما قيل:
إن قاتلوا قتلوا، أو طاردوا طردوا ... أو حاربوا حربوا، أو غالبوا غلبوا
إلى أن أوجد الله من نصر دينه، وأذل الكفر وشياطينه.
وذكر بعضهم أن معنى طرابلس باللسان الرومي ثلاثة حصون مجتمعة.
وفي سنة تسع وثمانين مات السلطان قلاوون في ذي القعدة، وتسلطن ابنه الملك الأشرف صلاح الدين خليل، فأظهر أمر الخليفة، وكان خاملًا في أيام أبيه، حتى إن أباه لم يطلب منه تقليدًا بالملك، فخطب الخليفة بالناس يوم الجمعة، وذكر في خطبته توليته للملك الأشرف أمر الإسلام.
ولما فرغ من الخطبة صلى بالناس قاضي القضاة بدر الدين بن جماعة، ثم خطب الخليفة مرة خطبة أخرى جهادية، وذكر بغداد وحرض على أخذها.
وفي سنة إحدى وتسعين سافر السلطان فحاصر قلعة الروم.
وفي سنة ثلاث وتسعين وستمائة قتل السلطان بتروجة، وسلطنوا أخاه محمد بن المنصور، ولقب بالملك الناصر، وله يومئذ تسع سنين، ثم خلع في المحرم سنة أربع وتسعين، وتسلطن كتبغا المنصوري، وتسمى بالملك العادل.
وفي هذه السنة دخل في الإسلام قازان بن أرغون بن أبغا بن هولاكو ملك التتار وفرح الناس بذلك، وفشا الإسلام في جيشه.
وفي سنة ست وتسعين وستمائة كان السلطان بدمشق، فوثب لاجين على السلطنة وحلف له الأمراء، ولم يختلف عليه اثنان، ولقب الملك المنصور وذلك في صفر، وخلع عليه الخليفة الخلعة السوداء، وكتب له تقليدًا وسير العادل على صرخد نائبًا بها، ثم قتل لاجين في جمادى الآخرة سنة ثمانٍ وتسعين، وأعيد الملك الناصر محمد بن المنصور قلاوون، وكان