وعلى الرغم من تنكر بعض قادة الثورة (?) للدور الأساسي الذي أداه الإسلام في جعل الجزائريات والجزائريين يستجيبون لنداء نوفمبر ويتفاعلون مع مخططات جبهة التحرير الوطني طيلة كل الفترة التي استغرقها الكفاح المسلح، فإن الحقيقة التاريخية تدل، بما لايدع أي مجال للشك، على أن الإسلام ظل دائماً هو القلب النابض للثورة، وأن مفاهيمه ومصطلحاته (?) هي التي دفعت المواطنات والمواطنين إلى التضحية القصوى. لأجل ذلك فإن من الخطأ الفادح أن يقدم منظرون يجهلون واقع الشعب الجزائري وتاريخه ولايعرفون من الإسلام سوى الاسم للثورة التي عرفت كيف تعيد للجهاد وظيفته.

4 - على عكس ادعاءات مجموعة العمل، فإن جبهة التحرير الوطني قد نجحت نجاحاً باهراً في أدلجة معظم جماهير الشعب الجزائري وتمكنت، خلال فترة الكفاح المسلح، من إدخال تغيرات جذرية على ذهنية المواطنين ومن وضع نمط للحياة جديد يختلف كلية عن النمط الاستعماري.

فالشعب الجزائري الذي كان قبل سنة أربع وخمسين وتسعمائة وألف يرفض في معظمه حتى التصديق بإمكانية الانفصال عن فرنسا ويجهل كل شيء عن هويته، أصبح بفضل نشاط جبهة التحرير الوطني، في الأرياف وفي المدن، يمارس السياسة ويشارك مشاركة فعلية سلبياً أو إيجابياً، فيما يجري في الجزائر، ولايتحدث إلا عن الاستقلال، وجهة أخرى، فإن مجرد الرجوع إلى وثيقة وادي الصومام وماجاء بعدها من نصوص أساسية وضعتها قيادات الثورة المختلفة ليدل، دلالة قاطعة على أن ثمة تطوراً أيديولوجياً ملموساً، وأن جبهة التحرير الوطني كانت تتوقف من حين لآخر تقيم المراحل المقطوعة وعلى ضوء ذلك تقوم بالإجراءات اللازمة.

وفي سنة اثنتين وستين وتسعمائة وألف، عندما وقعت الأزمة الداخلية التي كانت تحمل في طياتها بذور الحرب الأهلية وقف الشعب الجزائري موقفاً حكيماً ما كان ليكون لولا نجاح جبهة التحرير في نشر الوعي السياسي داخل صفوفه

طور بواسطة نورين ميديا © 2015